كلمة العذاب على الكافرين ، وهذا الجواب من قبيل جواب المتندم المكروب فإنه يوجز جوابه ويقول لسائله أو لائمة : الأمر كما ترى.
ولم يعطف فعل (قالُوا) على ما قبله لأنه جاء في معرض المقاولة كما تقدم غير مرة انظر قوله تعالى : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) إلى قوله : (قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) [البقرة : ٣٠].
وفعل (قِيلَ) مبني للنائب للعلم بالفاعل إذ القائل : ادخلوا أبواب جهنم ، هم خزنتها.
ودخول الباب : ولوجه لوصول ما وراءه قال تعالى : (ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ) [المائدة : ٢٣] أي لجوا الأرض المقدسة ، وهي أريحا.
والمثوى : محل الثواء وهو الإقامة ، والمخصوص بالذم محذوف دل عليه ما قبله والتقدير : بئس مثوى المتكبرين جهنم ووصفوا ب (الْمُتَكَبِّرِينَ) لأنهم أعرضوا عن قبول الإسلام تكبرا عن أن يتبعوا واحدا منهم.
(وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (٧٣))
أطلق على تقدمة المتقين إلى الجنة فعل السّوق على طريقة المشاكلة ل (سِيقَ) [الزمر : ٧١] الأول ، والمشاكلة من المحسنات ، وهي عند التحقيق من قبيل الاستعارة التي لا علاقة لها إلّا المشابهة الجملية التي تحمل عليها مجانسة اللفظ. وجعلهم زمرا بحسب مراتب التقوى.
والواو في جملة (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) واو الحال ، أي حين جاءوها وقد فتحت أبوابها فوجدوا الأبواب مفتوحة على ما هو الشأن في اقتبال أهل الكرامة.
وقد وهم في هذه الواو بعض النحاة مثل ابن خالويه والحريري وتبعهما الثعلبي في «تفسيره» فزعموا أنها واو تدخل على ما هو ثامن إمّا لأن فيه مادة ثمانية كقوله : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) [الكهف : ٢٢] ، فقالوا في (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) جيء بالواو لأن أبواب الجنة ثمانية ، وإما لأنه ثامن في التعداد نحو قوله تعالى : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) إلى قوله : (وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [التوبة : ١١٢] فإنه الوصف الثامن في التعداد ووقوع هذه الواوات مصادفة غريبة ، وتنبّه أولئك إلى تلك المصادفة تنبه لطيف ولكنه لا طائل تحته في