[الأعراف : ١٣١] صيغت على وزن فيعلة للمبالغة في قيام الوصف بالموصوف مثل قيّم وسيّد وصيقل ، فالمعنى : وقهم من كل ما يسوءهم.
فالتعريف في (السَّيِّئاتِ) للجنس وهو صالح لإفادة الاستغراق ، فوقوعه في سياق ما هو كالنفي وهو فعل الوقاية يفيد عموم الجنس ، على أن بساط الدعاء يقتضي عموم الجنس ولو بدون لام نفي كقول الحريري :
يا أهل ذا المغني وقيتم ضرا
وفي الحديث «اللهم أعط منفقا خلفا ، وممسكا تلفا» أي كلّ منفق وممسك.
والمراد : إبلاغ هؤلاء المؤمنين أعلى درجات الرضى والقبول يوم الجزاء بحيث لا ينالهم العذاب ويكونون في بحبوحة النعيم ولا يعتريهم ما يكدرهم من نحو التوبيخ والفضيحة. وقد جاء هذا المعنى في آيات كثيرة كقوله : (فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ) [الإنسان : ١١].
وجملة (وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ) تذييل ، أي وكل من وقي السيئات يوم القيامة فقد نالته رحمة الله ، أي نالته الرحمة كاملة ففعل (رَحِمْتَهُ) مراد به تعظيم مصدره.
وقد دل على هذا المراد في هذه الآية قوله : (وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) إذ أشير إلى المذكور من وقاية السيئات إشارة للتنويه والتعظيم. ووصف الفوز بالعظيم لأنه فوز بالنعيم خالصا من الكدرات التي تنقص حلاوة النعمة.
وتنوين (يَوْمَئِذٍ) عوض عن المضاف إليه ، أي يوم إذ تدخلهم جنات عدن.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ (١٠))
مقابلة سؤال الملائكة للمؤمنين بالنعيم الخالص يوم القيامة بما يخاطب به المشركون يومئذ من التوبيخ والتنديم وما يراجعون به من طلب العفو مؤذنة بتقدير معنى الوعد باستجابة دعاء الملائكة للمؤمنين ، فطيّ ذكر ذلك ضرب من الإيجاز.
والانتقال منه إلى بيان ما سيحل بالمشركين يومئذ ضرب من الأسلوب الحكيم لأن قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ) الآيات مستأنف استئنافا بيانيا كأنّ سائلا سأل عن تقبل دعاء الملائكة للمؤمنين فأجيب بأن الأهم أن يسأل عن ضد ذلك ، وفي هذا الأسلوب