عرّفت باللام.
وجملة (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) يجوز أن تكون من بقية القول المقدر الصادر من جانب الله تعالى بأن يصدر من ذلك الجانب استفهام ويصدر منه جوابه لأنه لما كان الاستفهام مستعملا في التقرير أو التشويق كان من الشأن أن يتولى الناطق به الجواب عنه ، ونظيره قوله تعالى : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) [النبأ : ١ ، ٢]. ويجوز أن تكون مقول قول آخر محذوف ، أي فيقول المسئولون : (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) إقرارا منهم بذلك ، والتقدير : فيقول البارزون لله الواحد القهار ، فتكون معترضة.
وذكر الصفتين (الْواحِدِ الْقَهَّارِ) دون غيرهما من الصفات العلى لأن لمعنييهما مزيد مناسبة بقوله : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) حيث شوهدت دلائل الوحدانية لله وقهره جميع الطغاة والجبارين.
(الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٧))
لا ريب في أن هذه الجمل الثلاث متصلة بالمقول الصادر من جانب الله تعالى ، سواء كان مجموع الجملتين السابقتين مقولا واحدا أم كانت الثانية منهما من مقول أهل المحشر. وترتيب هذه الجمل الخمس هو أنه لما تقرر أن الملك لله وحده في ذلك اليوم بمجموع الجملتين السابقتين ، عددت آثار التصرف بذلك الملك وهي الحكم على العباد بنتائج أعمالهم وأنه حكم عادل لا يشوبه ظلم ، وأنه عاجل لا يبطئ لأن الله لا يشغله عن إقامة الحق شاغل ولا هو بحاجة إلى التدبر والتأمل في طرق قضائه ، وعلى هذه النتائج جاء ترتيب (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) ، ثم (لا ظُلْمَ الْيَوْمَ) ، ثم (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) ، وأما مواقع هاته الجمل الثلاث فإن جملة (الْيَوْمَ تُجْزى) إلخ واقعة موقع البيان لما في جملة (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) [غافر : ١٦] وجوابها من إجمال ، وجملة (لا ظُلْمَ الْيَوْمَ) واقعة موقع بدل الاشتمال من جملة (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) أي جزاء عادلا لا ظلم فيه ، أي ليس فيه أقل شوب من الظلم حسبما اقتضاه وقوع النكرة بعد (لا) النافية للجنس.
وتعريف (الْيَوْمَ) في قوله : (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ) وقوله : (لا ظُلْمَ الْيَوْمَ) نظير تعريف (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) [غافر : ١٦] ، وجملة (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) واقعة موقع