وقضاتهم وأحبارهم ، فيكون (لِأُولِي الْأَلْبابِ) متعلقا ب (ذِكْرى).
وأولو الألباب : أولو العقول الراجحة القادرة على الاستنباط.
(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٥٥))
تفريع على قوله : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا) [غافر : ٥١] أي فاعلم أنّا ناصروك والذين آمنوا واصبر على ما تلاقيه من قومك ولا تهن.
وجملة : (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) تعليل للأمر بالصبر. و (إِنَ) للاهتمام بالخبر وهي في مثل هذا المقام تغني غناء فاء التعليل فكأنه قيل : فوعد الله حق ويفاد بأن التأكيد الذي هو للاهتمام والتحقيق.
ووعد الله هو وعد رسوله بالنصر في الآية السابقة وفي غير ما آية. والمعنى لا تستبطئ النصر فإنه واقع ، وذلك ما نصر به النبي صلىاللهعليهوسلم في أيامه على المشركين يوم بدر ويوم الفتح ويوم حنين وفي أيام الغزوات الأخرى. وما عرض من الهزيمة يوم أحد كان امتحانا وتنبيها على سوء مغبة عدم الحفاظ على وصية الرسول صلىاللهعليهوسلم أن لا يبرحوا من مكانهم ثم كانت العاقبة للمؤمنين.
وعطف على الأمر بالصبر الأمر بالاستغفار والتسبيح فكانا داخلين في سياق التفريع على الوعد بالنصر رمز إلى تحقيق الوعد لأنه أمر عقبه بما هو من آثار الشكر كناية عن كون نعمة النصر حاصلة لا محالة ، وهذه كناية رمزية.
والأمر بالاستغفار أمر بأن يطلب من الله تعالى المغفرة التي اقتضتها النبوءة ، أي اسأل الله دوام العصمة لتدوم المغفرة ، وهذا مقام التخلية عن الأكدار النفسية ، وفيه تعريض بأن أمته مطلوبون بذلك بالأحرى كقوله : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [الزمر : ٦٥] وأيضا فالنبي صلىاللهعليهوسلم مأمور بالاستغفار تعبدا وتأدبا. وأمر بتسبيح الله تعالى وتنزيهه بالعشي والإبكار ، أي الأوقات كلها فاقتصر على طرفي أوقات العمل.
والعشيّ : آخر النهار إلى ابتداء ظلمة الليل ، ولذلك سمي طعام الليل عشاء ، وسميت الصلاة الأخيرة بالليل عشاء. والإبكار : اسم لبكرة النهار كالإصباح اسم