مترادفان في المآل ، فكأنه قيل : إن الذي جادل فيه المجادلون سيقع لا محالة إذ انكشفت عنه شبه الضالّين وتمويهاتهم فصار بيّنا لا ريب فيه.
وتأكيد الخبر ب (إنّ) ولام الابتداء لزيادة التحقيق ، وللإشارة إلى أن الخبر تحقق بالأدلة السابقة. وذلك أن الكلام موجه للذين أنكروا البعث ، ولهذا لم يؤت بلام الابتداء في قوله في سورة طه [١٥] (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ) لأن الخطاب لموسى عليهالسلام.
وجيء باسم الفاعل في (آتِيَةٌ) الذي هو حقيقة في الحال ، للإيماء إلى أنها لما تحققت فقد صارت كالشيء الحاضر المشاهد. والمراد تحقيق وقوعها لا الإخبار عن وقوعها.
وجملة (لا رَيْبَ فِيها) مؤكدة لجملة (إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ) ، ونفي الريب عن نفس الساعة ، والمراد نفيه عن إتيانها لدلالة قوله : آتية على ذلك.
ومعنى نفي الريب في وقوعها : أن دلائلها واضحة بحيث لا يعتد بريب المرتابين فيها لأنهم ارتابوا فيها لعدم الرويّة والتفكر ، وهذا قريب من قوله تعالى : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) [البقرة : ٢].
فموقع الاستدراك الذي في قوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) هو ما يثيره نفي الريب عن وقوعها من أن يتساءل متسائل كيف ينفي الريب عنها والريب حاصل لكثير من الناس ، فكان الاستدراك بقوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) جوابا لذلك السؤال. والمعنى : ولكن أكثر الناس يمرون بالأدلة والآيات وهم معرضون عن دلالتها فيبقون غير مؤمنين بمدلولاتها ولو تأملوا واستنبطوا بعقولهم لظهر لهم من الأدلة ما يؤمنون بعده ، فلذلك نفي عنهم هنا وصف الإيمان.
وهذا الاستدراك استئناف بياني ، ولو لا أن (لكنّ) يكثر أن تقع بعد واو العطف لكانت الجملة جديرة بالفصل دون عطف ، فهذا العطف تحلية لفظية.
و (أَكْثَرَ النَّاسِ) هم المشركون ، وهم يومئذ أكثر من المؤمنين جدا.
(وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (٦٠))
لما كانت المجادلة في آيات الله تشمل مجادلتهم في وحدانية الإلهية كما دل عليه قوله الآتي ، (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ