الكواكب الشمس والقمر والشجر ، وبين ما اتّصف بحياة عارضة غير زائلة كالملائكة ، وبين ما اتصف بحياة عارضة زائلة من معبودات البشر مثل (بوذة) و (برهما) بله المعبودات من البقر والثعابين. قال تعالى : والذين تدعون (مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) [النحل : ٢٠] أي لا يستطيع أحدهم التصرف بالإيجاد والإحياء وهو مخلوق ، أي معرض للحياة (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) [النحل : ٢١] فجعل نفي الحياة عنهم في الحال أو في المآل دلالة على انتفاء إلهيتهم وجعل نفي إدراك بعض المدركات عنهم دلالة على انتفاء إلهيتهم.
وبعد اتضاح الدلالة على انفراده تعالى بالإلهية فرع عليه الأمر بعبادته وحده غير مشركين غيره في العبادة لنهوض انفراده باستحقاق أن يعبد.
والدعاء : العبادة لأنها يلازمها السؤال والنداء في أولها وفي أثنائها غالبا ، لأن الدعاء عنوان انكسار النفس وخضوعها كما تقدم آنفا عند قوله تعالى : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر : ٦٠] وكما في قوله الآتي : (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً) [غافر : ٧٤].
والإخلاص : الإفراد وتصفية الشيء مما ينافيه أو يفسده.
والدين : المعاملة. وأطلق على الطاعة وهو المراد هنا لأنها أشد أنواع المعاملة بين المطيع والمطاع. والمعنى : فإذ كان هو الحي دون الأصنام وكان لا إله غيره فاعبدوه غير مشركين معه غيره في عبادته.
ويدخل في ماهية الإخلاص دخولا أوليا ترك الرّياء في العبادة لأن الرياء وهو أن يقصد المتعبد من عبادته أن يراه الناس سواء كان قصدا مجردا أو مخلوطا مع قصد التقرب إلى الله. كل ذلك لا يخلو من حصول حظ في تلك العبادة لغير الله وإن لم يكن ذلك الحظ في جوهرها. وهذا معنى ما جاء في الحديث «إن الرياء الشرك الأصغر» (١).
وتقديم (لَهُ) المتعلق بمخلصين على مفعول (مُخْلِصِينَ) لأنه الأهم في هذا المقام به لأنه أشد تعلقا بمتعلقه من تعلق المفعول بعامله.
__________________
(١) رواه الطبري عن شداد بن أوس قال : «كنا نعدّ الرياء على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم الشرك الأصغر. وعن محمد بن رافع بن خديج رفعه : «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال : الرياء ..». الحديث.