النابغة يصف الفرات :
يظل من خوفه الملاح معتصما |
|
بالخيزرانة بعد الأين والنجد |
والجمع بين السفر بالإبل والسفر بالفلك جمع لطيف ، فإن الإبل سفائن البر ، وقديما سموها بذلك ، قاله الزمخشري في تفسير سورة المؤمنين.
وإنما قال : (وَعَلَى الْفُلْكِ) ولم يقل : وفي الفلك ، كما قال : (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ) [العنكبوت : ٦٥] لمزاوجة والمشاكلة مع (وَعَلَيْها) ، وإنما أعيد حرف (على) في الفلك لأنها هي المقصودة بالذكر وكان ذكر (وَعَلَيْها) كالتوطئة لها فجاءت على مثالها.
وتقديم المجرورات في قوله : (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) وقوله : (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ) لرعاية على الفاصلة مع الاهتمام بما هو المقصود في السياق. وتقديم (لَكُمْ) على (الْأَنْعامَ) مع أن المفعول أشد اتصالا بفعله من المجرور لقصد الاهتمام بالمنعم عليهم.
وأما تقديم المجرورين في قوله : (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ) فللاهتمام بالمنعم عليهم. والمنعم بها لأنه الغرض الأول من قوله : (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ).
(وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ (٨١))
عطف على جملة (لَكُمُ الْأَنْعامَ) [غافر : ٧٩] أي الله الذي يريكم آياته. وهذا انتقال من متعدد الامتنان بما تقدم من قوله : (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) [غافر : ٦١] ، (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً) [غافر : ٦٤] ، (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) [غافر : ٦٧] ، (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ) [غافر : ٧٩] ، فإن تلك ذكرت في معرض الامتنان تذكيرا بالشكر ، فنبّه هنا على أن في تلك المنن آيات دالة على ما يجب لله من الوحدانية والقدرة والحكمة.
ولذلك كان قوله : (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ) مفيدا مفاد التذييل لما في قوله : (آياتِهِ) من العموم لأن الجمع المعرف بالإضافة من صيغ العموم ، أي يريكم آياته في النعم المذكورات وغيرها من كل ما يدلّ على وجوب توحيده وتصديق رسله ونبذ المكابرة فيما يأتونهم به من آيات صدقهم.
وقد جيء في جانب إراءة الآيات بالفعل المضارع لدلالته على التجدد لأن الإنسان كلما انتفع بشيء من النعم علم ما في ذلك من دلالة على وحدانية خالقها وقدرته