حال غيره من آلهتكم قال تعالى : (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) [الرعد : ١٦].
والإتيان باسمه العلم لإحضار المسمّى في الأذهان باسم مختصّ زيادة في البيان لأن حال المخاطبين نزل منزلة حال من لم يعلم أن فاعل تلك الأفعال العظيمة هو الله تعالى.
واسم الجلالة خبر عن اسم الإشارة. وقوله : (رَبِّكُمْ) صفة لاسم الجلالة.
ووصفه بالربوبية تذكير لهم بنعمة الإيجاد والإمداد وهو معنى الربوبية ، وتوطئة للتسجيل عليهم بكفران نعمته الآتي في قوله : (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) [الزمر : ٧].
وجملة (لَهُ الْمُلْكُ) خبر ثان عن اسم الإشارة.
والملك : أصله مصدر ملك ، وهو مثلث الميم إلا أن مضمون الميم خصه الاستعمال بملك البلاد ورعاية الناس ، وفيه جاء قوله تعالى : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) [آل عمران : ٢٦] ، وصاحبه : ملك ، بفتح الميم وكسر اللام ، وجمعه : ملوك.
وتقديم المجرور لإفادة الحصر الادعائي ، أي الملك لله لا لغيره ، وأما ملك الملوك فهو لنقصه وتعرّضه للزوال بمنزلة العدم ، كما تقدم في قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) [الفاتحة : ٢] ، وفي حديث القيامة : «ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض» ، فالإلهية هي الملك الحقّ ، ولذلك كان ادعاؤهم شركاء للإله الحق خطأ ، فكان الحصر الادعائي لإبطال ادعاء المشركين.
وجملة (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) بيان لجملة الحصر في قوله : (لَهُ الْمُلْكُ). وفرع عليه استفهام إنكاري عن انصرافهم عن توحيد الله تعالى ، ولما كان الانصراف حالة استفهم عنها بكلمة أنى التي هي هنا بمعنى (كيف) كقوله تعالى : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ) [الأنعام : ١٠١].
والصرف : الإبعاد عن شيء ، والمصروف عنه هنا محذوف ، تقديره : عن توحيده ، بقرينة قوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ).