قبلها فصار طاغوت بوزن فلعوت بتحريك اللام وتاؤه زائدة للمبالغة في المصدر.
ومن العلماء من جعل الطاغوت اسما أعجميا على وزن فاعول مثل جالوت وطالوت وهارون ، وذكره في «الإتقان» فيما وقع في القرآن من المعرّب وقال : إنه الكاهن بالحبشية. واستدركه ابن حجر فيما زاده على أبيات ابن السبكي في الألفاظ المعرّبة الواقعة في القرآن ، وقد تقدم ذكره بأخصر مما هنا عند قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) في سورة النساء [٥١].
وأطلق الطاغوت في القرآن والسنة على القوي في الكفر أو الظلم ، فأطلق على الصّنم ، وعلى جماعة الأصنام ، وعلى رئيس أهل الكفر مثل كعب بن الأشرف. وأما جمعه على طواغيت فذلك على تغليب الاسمية علما بالغلبة إذ جعل الطاغوت لواحد الأصنام وهو قليل ، وهو هنا مراد به جماعة الأصنام وقد أجرى عليه ضمير المؤنث في قوله : (أَنْ يَعْبُدُوها) باعتبار أنه جمع لغير العاقل ، وأجري عليه ضمير جماعة الذكور في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) في سورة البقرة [٢٥٧] باعتبار أنه وقع خبرا عن الأولياء وهو جمع مذكر ، وباعتبار تنزيلها منزلة العقلاء في زعم عبادها. و (أَنْ يَعْبُدُوها) بدل من (الطَّاغُوتَ) بدل اشتمال.
والإنابة : التوبة وتقدمت في قوله : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) في سورة هود [٧٥]. والمراد بها هنا التوبة من كل ذنب ومعصية وأعلاها التوبة من الشرك الذي كانوا عليه في الجاهلية.
والبشرى : البشارة ، وهي الإخبار بحصول نفع ، وتقدمت في قوله تعالى : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) في سورة يونس [٦٤]. والمراد بها هنا : البشرى بالجنة.
وفي تقديم المسند من قوله : (لَهُمُ الْبُشْرى) إفادة القصر وهو مثل القصر في (أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ).
وفرع على قوله : (لَهُمُ الْبُشْرى) قوله : (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) وهم الذين اجتنبوا الطاغوت ، فعدل عن الإتيان بضميرهم بأن يقال : فبشرهم ، إلى الإظهار باسم العباد مضاف إلى ضمير الله تعالى ، وبالصلة لزيادة مدحهم بصفتين أخريين وهما : صفة العبودية لله ، أي عبودية التقرب ، وصفة استماع القول واتباع أحسنه.
وقرأ العشرة ما عدا السوسي راوي أبي عمرو كلمة (عِبادِ) بكسر الدال دون ياء