ويفيد ذكرها توكيد مفاد همزة الإنكار إفادة تبعية.
وأصل الكلام على اعتبار (من) الأولى موصولة : الذين تحقّ عليهم كلمة العذاب أنت لا تنقذهم من النار ، فتكون الهمزة في قوله : (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ) للاستفهام الإنكاري وتكون همزة (أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) تأكيدا للهمزة الأولى.
و (مَنْ) من قوله : (مَنْ فِي النَّارِ) موصولة. و (مَنْ فِي النَّارِ) هم من حقّ عليهم كلمة العذاب لأن كلمة العذاب هي أن يكونوا من أهل النار فوقع إظهار في مقام الإضمار ، والأصل : «أفأنت تنقذه من النّار».
وفائدة هذا الإظهار تهويل حالتهم لما في الصلة من حرف الظرفية المصوّر لحالة إحاطة النار بهم ، أي أفأنت تريد إنقاذهم من الوقوع في النار وهم الآن في النار لأنه محقق مصيرهم إلى النار ، فشبه تحقق الوقوع في المستقبل بتحققه في الحال. وقد صرح بمثل هذا الخبر المحذوف في قوله تعالى : (أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ) في سورة فصلت [٤٠] وقوله : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) في سورة الملك [٢٢].
والاستفهام تقريري كناية عن عدم التساوي بين هذا وبين المؤمن.
وكلمة (الْعَذابِ) هي كلام الله المقتضي أن الكافر في العذاب ، أي تقدير الله ذلك للكافر في وعيده المتكرر في القرآن. وتجريد فعل (حَقَ) من تاء التأنيث مع أن فاعله مؤنث اللفظ وهو (كَلِمَةُ) ، لأن الفاعل اكتسب التذكير مما أضيف هو إليه نظرا لإمكان الاستغناء عن المضاف بالمضاف إليه ، فكأنه قيل : أفمن حق عليه العذاب. وفائدة إقحام (كَلِمَةُ) الإشارة إلى أن ذلك أمر الله ووعيده.
وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي في (أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ) مفيد لتقوّي الحكم وهو إنكار أن يكون النبي صلىاللهعليهوسلم بتكرير دعوته يخلصهم من تحقق الوعيد أو يحصل لهم الهداية إذا لم يقدرها الله لهم.
والخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم تهوينا عليه بعض حرصه على تكرير دعوتهم إلى الإسلام ، وحزنه على إعراضهم وضلالهم ، وإلا فلم يكن النبي صلىاللهعليهوسلم بالذي يظن أنه ينقذهم من وعيد الله ، ولذلك اجتلب فعل الإنقاذ هنا تشبيها لحال النبي صلىاللهعليهوسلم في حرصه على هديهم وبلوغ جهده في إقناعهم بتصديق دعوته ، وحالهم في انغماسهم في موجبات وعيدهم بحال من