فيها وفي ساحاتها ، وذلك من أحسن ما يرى في الديار كديار دمشق وقصر الحمراء بالأندلس وديار أهل الترف في مدينة فاس فيكون إطلاق «تحت» حقيقة.
والمعنى : أن كل غرفة منها يجري تحتها نهر فهو من مقابلة الجمع ليقسّم على الآحاد ، وذلك بأن يصعد الماء إلى كل غرفة فيجري تحتها.
و (وَعْدَ اللهِ) مصدر منصوب على أنه مفعول مطلق مؤكد لنفسه لأن قوله : (لَهُمْ غُرَفٌ) في معنى : وعدهم الله غرفا وعدا منه. ويجوز انتصابه على الحال من (غُرَفٌ) على حدّ قوله : (وَعْداً عَلَيْنا) ، وإضافة (وَعْدَ) إلى اسم الجلالة مؤذنة بأنه وعد موفى به فوقعت جملة (لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعادَ) بيانا لمعنى (وَعْدَ اللهِ).
والميعاد : مصدر ميمي بمعنى الوعد.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٢١))
استئناف ابتدائي انتقل به إلى غرض التنويه بالقرآن وما احتوى عليه من هدى الإسلام ، وهو الغرض الذي ابتدئت به السورة وانثنى الكلام منه إلى الاستطراد بقوله تعالى : (فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) [الزمر : ٢] إلى هنا ، فهذا تمهيد لقوله : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) إلى قوله : (ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ) [الزمر : ٢٢ ، ٢٣] فمثلت حالة إنزال القرآن واهتداء المؤمنين به والوعد بنماء ذلك الاهتداء ، بحالة إنزال المطر ونبات الزرع به واكتماله. وهذا التمثيل قابل لتجزئة أجزائه على أجزاء الحالة المشبه بها : فإنزال الماء من السماء تشبيه لإنزال القرآن لإحياء القلوب ، وإسلاك الماء ينابيع في الأرض تشبيه لتبليغ القرآن للناس ، وإخراج الزرع المختلف الألوان تشبيه لحال اختلاف الناس من طيّب وغيره ، ونافع وضار ، وهياج الزرع تشبيه لتكاثر المؤمنين بين المشركين. وأما قوله تعالى : (ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً) فهو إدماج للتذكير بحالة الممات واستواء الناس فيها من نافع وضار. وفي تعقيب هذا بقوله : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) إلى قوله : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) [الزمر : ٢٢ ، ٢٣] إشارة إلى العبرة من هذا التمثيل.
وقريب من تمثيل هذه الآية ما في «الصحيحين» عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقيّة قبلت الماء