والعزيز : صفة مشبهة مشتقة من العزّ ، وهو منعة الجانب وأن لا يناله المتسلط وهو ضد الذل ، وتقدم عند قوله تعالى : (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) في سورة البقرة [٢٠٩].
والانتقام : المكافأة على الشر بشر ، وهو مشتق من النقم وهو الغضب كأنه مطاوعه لأنه مسبب عن النّقم ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِ) في سورة الأعراف [١٣٦]. وانظر قوله تعالى : (وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) في سورة العقود [٩٥].
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨))
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ).
اعتراض بين جملة (أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ) [الزمر : ٣٧] ، وجملة (قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ، فالواو اعتراضية ، ويجوز أن يكون معطوفا على جملة (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) [الزمر : ٣٦] وهو تمهيد لما يأتي بعده من قوله : (قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ، لأنه قصد به التوطئة إليه بما لا نزاع فيه لأنهم يعترفون بأن الله هو المتصرف في عظائم الأمور ، أي خلقهما وما تحويانه ، وتقدم نظيره في سورة العنكبوت.
(قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ)
جاءت جملة (قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ) على أسلوب حكاية المقاولة والمجاوبة لكلامهم المحكي بجملة (لَيَقُولُنَّ اللهُ) ولذلك لم تعطف الثانية بالواو ولا بالفاء ، والمعنى : ليقولن الله فقل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إلخ. والفاء من (أَفَرَأَيْتُمْ) لتفريع الاستفهام الإنكاري على جوابهم تفريعا يفيد محاجّتهم على لازم اعترافهم بأن الله هو خالق السماوات والأرض كما في قوله تعالى : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) [الزمر : ٦٤]. وهذا تفريع الإلزام على الإقرار ، والنتيجة على الدليل فإنهم لما أقروا بأنه خالق السماوات والأرض يلزمهم أن يقرّوا بأنه المتصرف فيما تحويه السماوات والأرض. والرؤية قلبية ، أي أفظننتم.
و (ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) مفعول (رأيتم) الأول والمفعول الثاني محذوف سدّ مسده جواب الشرط المعترض بعد المفعول الأول على قاعدة اللغة العربية عند اجتماع