من السماء فقد قالوا (لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ)(١)(حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) [الإسراء : ٩٣] (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا) [الفرقان : ٢١] (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ) [البقرة : ١١٨] والقائلون هم المشركون.
ومن جهة ما تضمنته الدعوة مما لم تساعد أهواؤهم عليه قالوا : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً) [ص : ٥] (هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) [سبأ : ٧]. وجيء بالفعل المضارع في (تَدْعُوهُمْ) للدلالة على تجدد الدعوة واستمرارها.
(اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ).
استئناف بياني جواب عن سؤال من يسأل : كيف كبرت على المشركين دعوة الإسلام ، بأن الله يجتبي من يشاء ، فالمشركون الذين لم يقتربوا من هدى الله غير مجتبين إلى الله إذ لم يشأ اجتباءهم ، أي لم يقدر لهم الاهتداء. ويجوز أن يكون ردّا على إحدى شبههم الباعثة على إنكارهم رسالته بأن الله يجتبي من يشاء ولا يلزمه مراعاة عوائدكم في الزعامة والاصطفاء.
والاجتباء : التقريب والاختيار قال تعالى : (قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) [الأعراف : ٢٠٣]. ومن يشاء الله اجتباءه من هداه إلى دينه ممن ينيب وهو أعلم بسرائر خلقه.
وتقديم المسند إليه وهو اسم الجلالة على الخبر الفعلي لإفادة القصر ردّا على المشركين الذين أحالوا رسالة بشر من عند الله. وحين أكبروا أن يكون الضعفة من المؤمنين خيرا منهم.
(وَما تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١٤))
(وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ).
__________________
(١) في المطبوعة لك وهو خطأ.