ومماثلته لهم : المماثلة في البشرية فتفيد تأكيد كونه بشرا.
والاستقامة : كون الشيء قويما ، أي غير ذي عوج وتطلق مجازا على كون الشيء حقا خالصا ليست فيه شائبة تمويه ولا باطل. وعلى كون الشخص صادقا في معاملته أو عهده غير خالط به شيئا من الحيلة أو الخيانة ، فيقال : فلان رجل مستقيم ، أي صادق الخلق ، وإن أريد صدقه مع غيره يقال : استقام له ، أي استقام لأجله ، أي لأجل معاملته منه. ومنه قوله تعالى : (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) [التوبة : ٧] والاستقامة هنا بهذا المعنى ، وإنما عدّي بحرف (إلى) لأنها كثيرا ما تعاقب اللام ، يقال : ذهبت له وذهبت إليه ، والأحسن أن إيثار (إلى) هنا لتضمين (استقيموا) معنى : توجهوا ، لأن التوحيد توجه ، أي صرف الوجه إلى الله دون غيره ، كما حكى عن إبراهيم : (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [الأنعام : ٧٩] ، أو ضمّن (استقيموا) معنى : أنيبوا ، أي توبوا من الشرك كما دل عليه عطف (وَاسْتَغْفِرُوهُ).
والاستغفار : طلب العفو عما فرط من ذنب أو عصيان وهو مشتق من الغفر وهو الستر.
والمعنى : فأخلصوا إلى الله في عبادته ولا تشركوا به غيره واسألوا منه الصفح عما فرط منكم من الشرك والعناد.
(وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٧))
وعيد للمشركين بسوء الحال والشقاء في الآخرة يجوز أن يكون من جملة القول الذي أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم أن يقوله فهو معطوف على جملة (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ). ويجوز أن يكون كلاما معترضا من جانب الله تعالى فتكون الواو اعتراضية بين جملة (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ) وجملة (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ) [فصلت : ٩] أي أجبهم بقولك : أنا بشر مثلك يوحى إليّ ونحن أعتدنا لهم الويل والشقاء إن لم يقبلوا ما تدعوهم إليه ، فيكون هذا إخبارا من الله تعالى.
وذكر المشركين إظهار في مقام الإضمار ويستفاد تعليق الوعيد على استمرارهم على الكفر من الإخبار عن الويل بكونه ثابتا للمشركين والموصوفين بالذين لا يؤتون الزكاة وبأنهم كافرون بالبعث لأن تعليق الحكم بالمشتق يؤذن بعليّة ما منه الاشتقاق ، ولأن الموصول يؤذن بالإيماء إلى وجه بناء الخبر. فأما كون الشرك وإنكار البعث موجبين للويل