لهم الشرك ، فسئلوا عمن شرع لهم دين الشرك : أهم شركاء آخرون اعتقدوهم شركاء لله في الإلهية وفي شرع الأديان كما شرع الله للناس الأديان؟ وهذا تهكّم بهم لأن هذا النوع من الشركاء لم يدّعه أهل الشرك من العرب. وهذا المعنى هو الذي يساعد تنكير (شُرَكاءُ) ووصفه بجملة (شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ). ويجوز أن يكون المسئول عن الذي شرع لهم هو الأصنام التي يعبدونها ، وهو الذي درج عليه المفسرون ، فيكون (لَهُمْ) في موضع الحال من (شُرَكاءُ).
والمقصود : فضح فظاعة شركهم بعروة عن الانتساب إلى الله ، أي إن لم يكن مشروعا من الإله الحقّ فهو مشروع من الآلهة الباطلة وهي الشركاء. وظاهر أن تلك الآلهة لا تصلح لتشريع دين لأنها لا تعقل ولا تتكلم ، فتعين أن دين الشرك دين لا مستند له. وقريب من هذا قوله تعالى : (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) [الأنعام : ١٣٧].
وقيل المراد بالشركاء : أئمة دين الشرك أطلق عليهم اسم الشركاء مجازا بعلاقة السببية.
وضميرا (لَهُمْ) عائدان إلى (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) [الشورى : ١٨] أو إلى (الَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ) [الشورى : ١٦]. والتعريف في (الدِّينِ) للجنس ، أي شرعوا لهم من جنس الدّين ما ، أي دينا لم يأذن به الله ، أي لم يأذن بشرعه ، أي لم يرسل به رسولا منه ولا أوحى به بواسطة ملائكته.
(وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) ،
هو كقوله فيما تقدم (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) [الشورى : ١٤].
وكلمة الفصل هي : ما قدّره الله وأراده من إمهالهم. والفصل : الفاصل ، أي الذي لا تردد فيه.
(وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
عطف على جملة (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ) والمقصود تحقيق إمهالهم إلى أجل مسمى لا يفلتهم من المؤاخذة بما ظلموا. والمراد بالظالمين المشركون (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان : ١٣].