والعذاب الأليم : عذاب الآخرة لجميعهم ، وعذاب الدّنيا بالسيف والذلّ للذين أخّروا إلى إبّان حلوله مثل قتلهم يوم بدر.
وتوكيد الخبر بحرف التوكيد لأن هذا الخبر موجه إليهم لأنهم يسمعون هذا الكلام ويعلمون أنهم المقصودون به.
(تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٢٢))
جملة (تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا) بيان لجملة (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [الشورى : ٢١] ، بيّن حال هذا العذاب ببيان حال أصحابه حين توقّع حلوله ، وكفى بذلك منبئا عن هوله.
والخطاب ب (تَرَى) لغير معيّن فيعم كل من تمكن منه الرؤية يومئذ كقوله : (وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ* وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِ) [الشورى : ٤٤ ، ٤٥]. والمقصود استحضار صورة حال الظالمين يوم القيامة في ذهن المخاطب.
والإشفاق : توقع الشيء المضرّ وهو ضد التمنّي.
و (ما كسبوا) هو أعمالهم السيئة. والمراد : جزاؤها بقرينة المقام. وجملة (وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ) في موضع الحال ، أي مشفقين إشفاقا يقارب اليأس وهو أشد الإشفاق حين يعلمون أن المشفق منه لا ينجي منه حذر ، لأن الإشفاق إذا حصل قبل اقتراب المشفق منه قد يحاول المشفق وسائل التخلص منه ، فأما إذا وقع العذاب فقد حال دون التخلص حائله. والمعنى : مشفقين من عقاب أعمالهم في حال نزول العقاب بهم. وليس المعنى : أنهم مشفقون في الدّنيا من أعمالهم السيئة لأنهم لا يدينون بذلك ، فما بني على ذلك الاحتمال من التفسير ليس بيّنا.
والباء في قوله (واقِعٌ بِهِمْ) للاستعلاء ، كقول غاوي السّلمي :
أربّ يبول الثعلبان برأسه
وهذا الاستعمال قريب من معنى الإلصاق المجازي. وضمير (وَهُوَ واقِعٌ) عائد