وإسكان الرياح : قطع هبوبها ، فإن الريح حركة وتموّج في الهواء فإذا سكن ذلك التموّج فلا ريح.
وقرأ نافع الرياح بلفظ الجمع. وقرأه الباقون (الرِّيحَ) بلفظ المفرد. وفي قراءة الجمهور ما يدل على أن الريح قد تطلق بصيغة الإفراد على الريح الخير ، وما قيل : إن الرياح للخير والريح للعذاب في القرآن هو غالب لا مطّرد. وقد قرئ في آيات أخرى الرياح والريح في سياق الخير دون العذاب.
وقرأ الجمهور (يَشَأْ) بهمزة ساكنة. وقرأه ورش عن نافع بألف على أنه تخفيف للهمزة.
والرواكد : جمع راكدة ، والركود : الاستقرار والثبوت.
والظهر : الصلب للإنسان والحيوان ، ويطلق على أعلى الشيء إطلاقا شائعا. يقال : ظهر البيت ، أي سطحه ، وتقدم في قوله تعالى : (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها) [البقرة : ١٨٩]. وأصله : استعارة فشاعت حتى قاربت الحقيقة ، فظهر البحر سطح مائه البادي للناظر ، كما أطلق ظهر الأرض على ما يبدو منها ، قال تعالى : (ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ) [فاطر : ٤٥].
وجعل ذلك آية لكل صبّار شكور لأن في الحالتين خوفا ونجاة ، والخوف يدعو إلى الصبر ، والنجاة تدعو إلى الشكر. والمراد : أن في ذلك آيات لكل مؤمن متخلق بخلق الصبر على الضرّاء والشكر للسرّاء ، فهو يعتبر بأحوال الفلك في البحر اعتبارا يقارنه الصبر أو الشكر.
وإنما جعل ذلك آية للمؤمنين لأنهم الذين ينتفعون بتلك الآية فيعلمون أن الله منفرد بالإلهية بخلاف المشركين فإنها تمر بأعينهم فلا يعتبرون بها.
وقوله : (أَوْ يُوبِقْهُنَ) عطف على جزاء الشرط.
و (يُوبِقْهُنَ) : يهلكهن. والإيباق : الإهلاك ، وفعله وبق كوعد. والمراد به هنا الغرق ، فيجوز أن يكون ضمير جماعة الإناث عائدا إلى (الْجَوارِ) على أن يستعار الإيباق للإغراق لأنّ الإغراق إتلاف. ويجوز أن يكون الضمير عائدا إلى الراكبين على تأويل معاد الضمير بالجماعات بقرينة قوله : (بِما كَسَبُوا) فهو كقوله : (وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) [الحج : ٢٧].