الْأُمُورِ) خبر عن (من) الموصولة ، ولام (لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) لام الابتداء التي تدخل على خبر (إِنَ) وهي من لامات الابتداء.
وقد اشتمل هذا الخبر على أربعة مؤكدات هي : اللام ، وإنّ ، ولام الابتداء ، والوصف بالمصدر في قوله : (عَزْمِ الْأُمُورِ) تنويها بمضمونه ، وزيد تنويها باسم الإشارة في قوله (إِنَّ ذلِكَ) فصار فيه خمسة اهتمامات.
والعزم : عقد النية على العمل والثبات على ذلك والوصف بالعزم مشعر بمدح الموصوف لأن شأن الفضائل أن يكون عملها عسيرا على النفوس لأنها تعاكس الشهوات ، ومن ثمّ وصف أفضل الرسل بأولي العزم.
و (الْأُمُورِ) : جمع أمر. والمراد به هنا : الخلال والصفات وإضافة (عَزْمِ) إلى (الْأُمُورِ) من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي من الأمور العزم.
ووصف (الْأُمُورِ) ب (العزم) من الوصف بالمصدر للمبالغة في تحقق المعنى فيها ، وهو مصدر بمعنى اسم الفاعل ، أي الأمور العامة العازم أصحابها مجازا عقليا.
والإشارة ب (ذلِكَ) إلى الصبر والغفران المأخوذين من (صَبَرَ وَغَفَرَ) والمتحملين لضمير (من) الموصولة فيكون صوغ المصدر مناسبا لما معه من ضمير ، والتقدير : إنّ صبره وغفره لمن عزم الأمور.
وهذا ترغيب في العفو والصبر على الأذى وذلك بين الأمة الإسلامية ظاهر ، وأما مع الكافرين فتعتريه أحوال تختلف بها أحكام الغفران ، وملاكها أن تترجّح المصلحة في العفو أو في المؤاخذة.
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (٤٤))
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ).
بعد أن حكى أصنافا من كفر المشركين ، وعنادهم وتكذيبهم ، ثم ذكّرهم بالآيات الدالة على انفراد الله تعالى بالإلهية وما في مطاويها من النعم وحذّرهم من الغرور بمتاع الدنيا الزائل أعقبه بقوله : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ) وهو معطوف على قوله : (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ) [الشورى : ٤٢].