لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) [الشورى : ٣٥] ، وقوله : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ).
والمعنى : أنهم لا يجدون محيصا ولا وليا ، فلا يجدون إلا الندامة على ما فات فيقولوا (هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ).
والاستفهام بحرف (هَلْ) إنكاري في معنى النفي ، فلذلك أدخلت (مَنْ) الزائدة على (سَبِيلٍ) لأنه نكرة في سياق النفي.
والمرد : مصدر ميمي للردّ ، والمراد بالرد : الرجوع ، يقال : رده ، إذا أرجعه. ويجوز أن يكون (مَرَدٍّ) بمعنى الدفع ، أي هل إلى ردّ العذاب عنا الذي يبدو لنا سبيل حتى لا نقع فيه ، فهو في معنى (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) في سورة الطور [٨].
والخطاب في (تَرَى) لغير معيّن ، أي تناهت حالهم في الظهور فلا يختص به مخاطب ، أو الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم تسلية له على ما لاقاه منهم من التكذيب. والمقصود : الإخبار بحالهم أولا ، والتعجيب منه ثانيا ، فلم يقل : والظالمون لما رأوا العذاب يقولون ، وإنما قيل : (وَتَرَى الظَّالِمِينَ) للاعتبار بحالهم.
ومجيء فعل (رَأَوُا الْعَذابَ) بصيغة الماضي للتنبيه على تحقيق وقوعه ، فالمضي مستعار للاستقبال تشبيها للمستقبل بالماضي في التحقق ، والقرينة فعل (تَرَى) الذي هو مستقبل إذ ليست الرؤية المذكورة بحاصلة في الحال فكأنه قيل : لما يرون العذاب.
وجملة (يَقُولُونَ) حال من (الظَّالِمِينَ) أي تراهم قائلين ، فالرؤية مقيدة بكونها في حال قولهم ذلك ، أي في حال سماع الرائي قولهم.
(وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ (٤٥))
(وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ).
أعيد فعل (ترى) للاهتمام بهذه الرؤية وتهويلها كما أعيد فعل (تلاقوا) في قول ودّاك بن ثميل المازني :
رويدا بني شيبان بعض وعيدكم |
|
تلاقوا غدا خيلي على سفوان |