وتاء الخطاب في (سَأَلْتَهُمْ) للنبي صلىاللهعليهوسلم وهو ظاهر سياق التسلية ، أو يكون الخطاب لغير معيّن ليعمّ كل مخاطب يتصور منه أن يسألهم.
و (الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) هو الله تعالى. وليس ذكر الصفتين العليتين من مقول جوابهم وإنما حكي قولهم بالمعنى ، أي ليقولن خلقهنّ الذي الصفتان من صفاته ، وإنما هم يقولون : خلقهن الله ، كما حكي عنهم في سورة لقمان [٢٥] و (لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ). وذلك هو المستقرى من كلامهم نثرا وشعرا في الجاهلية. وإنما عدل عن اسم العليّ إلى الصفتين زيادة في إفحامهم بأن الذي انصرفوا عن توحيده بالعبادة عزيز عليم ، فهو الذي يجب أن يرجوه النّاس للشدائد لعزّته وأن يخلصوا له باطنهم لأنه لا يخفى عليه سرّهم ، بخلاف شركائهم فإنها أذلّة لا تعلم ، وإنهم لا ينازعون وصفه ب (الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ).
وتخصيص هاتين الصفتين بالذكر من بين بقية الصفات الإلهية لأنها مضادة لصفات الأصنام فإن الأصنام عاجزة عن دفع الأيدي.
والتقدير : ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولنّ الله ، وإن سألتهم : أهو العزيز العليم.
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠))
هذا كلام موجه من الله تعالى ، هو تخلّص من الاستدلال على تفرده بالإلهية بأنه المنفرد بخلق السماوات والأرض إلى الاستدلال بأنه المنفرد بإسداء النعم التي بها قوام أود حياة الناس. فالجملة استئناف حذف منها المبتدأ ، والتقدير : هو الذي جعل لكم الأرض مهادا. وهذا الاستئناف معترض بين جملة (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [الزخرف : ٩] الآية وجملة (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً) [الزخرف : ١٥] الآية.
واسم الموصول خبر لمبتدإ محذوف تقديره : هو الذي جعل لكم وهو من حذف المسند إليه الوارد على متابعة الاستعمال في تسمية السكاكي حيث تقدم الحديث عن الله تعالى فيما قبل هذه الجملة. واجتلاب الموصول للاشتهار بمضمون الصلة فساوى الاسم العلم في الدلالة.