معلولة لأحوال مناسبة لما تركبت به من الجواهر. وأما خلق الأرض فالأشبه أنه بطريقة التولّد المبطئ لأنها تكونت من العناصر الطبيعية فكان تولد بعضها عن بعض أيضا (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) [المدثر : ٣١].
وهذه الأيام كانت هي مبدأ الاصطلاح على ترتيب أيام الأسبوع وقد خاض المفسرون في تعيين مبدأ هذه الأيام ، فأما كتب اليهود ففيها أن مبدأ هذه الأيام هو الأحد وأن سادسها هو يوم الجمعة وأن يوم السبت جعله الله خلوا من الخلق ليوافق طقوس دينهم الجاعلة يوم السبت يوم راحة للناس ودوابّهم اقتداء بإنهاء خلق العالمين. وعلى هذا الاعتبار جرى العرب في تسمية الأيام ابتداء من الأحد الذي هو بمعنى أول أو واحد ، واسمه في العربية القديمة (أول) وذلك سرى إليهم من تعاليم اليهود أو من تعاليم أسبق كانت هي الأصل الأصيل لاصطلاح الأمتين. والذي تشهد له الأخبار من السنة أن الله خلق آدم يوم الجمعة وأنه آخر أيام الأسبوع ، وأنه خير أيام الأسبوع وأفضلها ، وأن اليهود والنصارى اختلفوا في تعيين اليوم الأفضل من الأسبوع ، وأن الله هدى إليه المسلمين. قال النبيصلىاللهعليهوسلم «فهذا اليوم (أي الجمعة) هو اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله إليه فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا والنصارى بعد غد». ولا خلاف في أن الله خلق آدم بعد تمام خلق السماء والأرض فتعين أن يكون يوم خلقه هو اليوم السابع. وقد روى مسلم في «صحيحه» عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم «أن الله ابتدأ الخلق يوم السبت». وقد ضعّفه البخاري وابن المديني بأنه من كلام كعب الأحبار حدّث به أبا هريرة وإنما اشتبه على بعض رواة سنده فظنه مرفوعا.
ولهذه تفصيلات ليس وراءها طائل وإنما ألممنا بها هنا لئلا يعرو التفسير عنها فيقع من يراها في غيره في حيرة وإنما مقصد القرآن العبرة.
(وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً).
(وَأَوْحى) عطف على (فَقَضاهُنَ).
والوحي : الكلام الخفي ، ويطلق الوحي على حصول المعرفة في نفس من يراد حصولها عنده دون قول ، ومنه قوله تعالى حكاية عن زكرياء (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ) [مريم : ١١] أي أومأ إليهم بما يدل على معنى : سبحوا بكرة وعشيا. وقول أبي دؤاد :
يرمون بالخطب الطّوال وتارة |
|
وحي الملاحظ خيفة الرّقباء |