و (عَلى) استعارة تبعية للملابسة والتمكن.
وقوله : (عَلى آثارِهِمْ) خبر (إنّ). و (مُهْتَدُونَ) خبر ثان. ويجوز أن يكون (عَلى آثارِهِمْ) متعلقا ب (مُهْتَدُونَ) بتضمين (مُهْتَدُونَ) معنى سائرون ، أي أنهم لا حجة لهم في عبادتهم الأصنام إلا تقليد آبائهم ، وذلك ما يقولونه عند المحاجّة إذ لا حجة لهم غير ذلك. وجعلوا اتّباعهم إياهم اهتداء لشدة غرورهم بأحوال آبائهم بحيث لا يتأملون في مصادفة أحوالهم للحق.
(وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣))
جملة معترضة لتسلية النبي صلىاللهعليهوسلم على تمسك المشركين بدين آبائهم والإشارة إلى المذكور من قولهم : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) [الزخرف : ٢٢] ، أي ومثل قولهم ذلك ، قال المترفون من أهل القرى المرسل إليهم الرسل من قبلك.
والواو للعطف أو للاعتراض وما الواو الاعتراضية في الحقيقة إلا تعطف الجملة المعترضة على الجملة التي قبلها عطفا لفظيا.
والمقصود أن هذه شنشنة أهل الضلال من السابقين واللاحقين ، قد استووا فيه كما استووا في مثاره وهو النظر القاصر المخطئ ، كما قال تعالى : (أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) [الذاريات : ٥٣] ، أي بل هم اشتركوا في سببه الباعث عليه وهو الطغيان. ويتضمن هذا تسلية للرّسول صلىاللهعليهوسلم على ما لقيه من قومه ، بأن الرّسل من قبله لقوا مثل ما لقي.
وكاف التشبيه متعلق بقوله : (قالَ مُتْرَفُوها). وقدم على متعلّقه للاهتمام بهذه المشابهة والتشويق لما يرد بعد اسم الإشارة.
وجملة (إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) في موضع الحال لأن الاستثناء هنا من أحوال مقدّرة أي ما أرسلنا إلى أهل قرية في حال من أحوالهم إلا في حال قول قاله مترفوها : إنا وجدنا آباءنا إلخ.
والمترفون : جمع المترف وهو الذي أعطي الترف ، أي النعمة ، وتقدم في قوله تعالى : (وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ) في سورة الأنبياء [١٣].