يسمى عطف التلقين ، ومنه قوله تعالى عن إبراهيم : (قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) [البقرة : ١٢٤]. والهمزة للاستفهام التقريري المشوب بالإنكار. وقدمت على الواو لأجل التصدير.
و (لَوْ) وصلية ، و (لَوْ) الوصلية تقتضي المبالغة بنهاية مدلول شرطها كما تقدم عند قوله تعالى : (وَلَوِ افْتَدى بِهِ) في آل عمران [٩١] ، أي لو جئتكم بأهدى من دين آبائكم تبقون على دين آبائكم وتتركون ما هو أهدى.
والمقصود من الاستفهام تقريرهم على ذلك لاستدعائهم إلى النظر فيما اتبعوا فيه آباءهم لعل ما دعاهم إليه الرّسول أهدى منهم. وصوغ اسم التفضيل من الهدي إرخاء للعنان لهم ليتدبروا ، نزّل ما كان عليهم آباؤهم منزلة ما فيه شيء من الهدى استنزالا لطائر المخاطبين ليتصدّوا للنظر كقوله : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [سبأ : ٢٤].
(قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ).
بدل من جملة (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) [الزخرف : ٢٣] ، لأن ذلك يشتمل على معنى : لا نتبعكم ونترك ما وجدنا عليه آباءنا ، وضمير (قالُوا) راجع إلى (مُتْرَفُوها) [الزخرف : ٢٣] لأن موقع جملة (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) [الزخرف : ٢٥] يعين أن هؤلاء القائلين وقع الانتقام منهم فلا يكون منهم المشركون الذين وقع تهديدهم بأولئك.
وقولهم : (ما أرسلتم به) يجوز أن يكون حكاية لقولهم ، فإطلاقهم اسم الإرسال على دعوة رسلهم تهكم مثل قوله : (ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ) [الفرقان : ٧] ويجوز أن يكون حكاية بالمعنى وإنما قالوا إنّا بما زعمتم أنكم مرسلون به ، وما أرسلوا به توحيد الإله.
(فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥))
تفريع على جملة (قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) [الزخرف : ٢٤] ، أي انتقمنا منهم عقب تصريحهم بتكذيب الرّسل. وهذا تهديد بالانتقام من الذين شابهوهم في مقالهم ، وهم كفار قريش.
والانتقام افتعال من النّقم وهو المكافأة بالسوء ، وصيغة الافتعال لمجرد المبالغة ، يقال : نقم كعلم وضرب ، إذا كافأ على السوء بسوء ، وفي المثل : هو كالأرقم إن يترك