زمنه هو منفطاح الثاني وهو ابن رعمسيس الثاني الذي ولد موسى في أيامه وربّي عنده ، وهذا يقتضي أن (منفطاح) كان يعرف موسى ولذلك قال له (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) [الشعراء : ١٨].
وأما رسولنا محمد صلىاللهعليهوسلم فلما أرسل إلى أمّة ذات فصاحة وبلاغة وكانت معجزته القرآن المعجز في بلاغته وفصاحته وكانت صفة الرّسول الفصاحة لتكون له المكانة الجليلة في نفوس قومه.
ومعنى (وَلا يَكادُ يُبِينُ) ويكاد أن لا يبين ، وقد تقدم القول في مثله عند قوله تعالى: (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) في سورة البقرة [٧١].
(فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣))
لمّا تضمن وصفه موسى بمهين ولا يكاد يبين أنه مكذّب له دعواه الرسالة عن الله فرع عليه قوله : (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ) أساورة (مِنْ ذَهَبٍ) ترقيا في إحالة كونه رسولا من الله ، وفرعون لجهله أو تجاهله يخيّل لقومه أن للرسالة شعارا كشعار الملوك.
و (لو لا) حرف تحضيض مستعمل في التعجيز مثل ما في قوله (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ). [الزخرف : ٣١].
والإلقاء : الرمي وهو مستعمل هنا في الإنزال ، أي هلّا ألقي عليه من السماء أساورة من ذهب ، أي سوّره الرّب بها ليجعله ملكا على الأمة. وقرأ الجمهور أساورة ، وقرأ حفص عن عاصم ويعقوب (أَسْوِرَةٌ).
والأساورة : جمع أسوار لغة في سوار. وأصل الجمع أساوير مخفف بحذف إشباع الكسرة ثم عوّض الهاء عن المحذوف كما عوضت في زنادقة جمع زنديق إذ حقه زناديق. وأما سوار فيجمع على أسورة.
والسوار : حلقة عريضة من ذهب أو فضة تحيط بالرسغ ، هو عند معظم الأمم من حلية النساء الحرائر ولذلك جاء في المثل : لو ذات سوار لطمتني أي لو حرّة لطمتني ، قاله أحد الأسرى لطمته أمة لقوم هو أسيرهم. وكان السوار من شعار الملوك بفارس ومصر يلبس الملك سوارين. وقد كان من شعار الفراعنة لبس سوارين أو أسورة من ذهب وربما جعلوا سوارين على الرسغين وآخرين على العضدين. فلما تخيّل فرعون أن رتبة الرسالة