قول المعري :
وإن شئت فازعم أنّ من فوق ظهرها |
|
عبيدك واستشهد إلهك يشهد |
وتضمن كلامهم قياسا استثنائيا تركيبه : لو شاء ربنا أن يرسل رسولا لأرسل ملائكة ينزلهم من السماء لكنه لم ينزل إلينا ملائكة فهو لم يشأ أن يرسل إلينا رسولا. وهذا إيماء إلى تكذيبهم الرسل ولهذا فرعوا عليه قولهم : (فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) أي جاحدون رسالتكم وهو أيضا كناية عن التكذيب.
[١٥ ، ١٦] (فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (١٥) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ (١٦))
بعد أن حكي عن عاد وثمود ما اشترك فيه الأمتان من الكابرة والإصرار على الكفر فصّل هنا بعض ما اختصت به كل أمة منهما من صورة الكفر ، وذكر من ذلك ما له مناسبة لما حلّ بكل أمة منهما من العذاب.
والفاء تفريع على جملة (قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) [فصلت : ١٤] المقتضية أنهم رفضوا دعوة رسوليهم ولم يقبلوا إرشادهما واستدلالهما.
وأما حرف شرط وتفصيل ، وقد تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) في سورة البقرة [٢٦]. والمعنى : فأما عاد فمنعهم من قبول الهدى استكبارهم.
والاستكبار : المبالغة في الكبر ، أي التعاظم واحتقار الناس ، فالسين والتاء فيه للمبالغة مثل : استجاب ، والتعريف في (الْأَرْضِ) للعهد ، أي أرضهم المعهودة. وإنما ذكر من مساويهم الاستكبار لأن تكبرهم هو الذين صرفهم عن اتباع رسولهم وعن توقع عقاب الله.
وقوله : (بِغَيْرِ الْحَقِ) زيادة تشنيع لاستكبارهم ، فإن الاستكبار لا يكون بحق إذ لا مبرر للكبر بوجه من الوجوه لأن جميع الأمور المغريات بالكبر من العلم والمال والسلطان والقوة وغير ذلك لا تبلغ الإنسان مبلغ الخلوّ عن النقص وليس للضعيف الناقص حق في