بعيد فإن تقدير مضاف وهو نزول لا دليل عليه ويناكده إظهار اسم عيسى في قوله : (وَلَمَّا جاءَ عِيسى) [الزخرف : ٦٣] إلخ. ويجوز عندي أن يكون ضمير (إِنَّهُ) ضمير شأن ، أي أن الأمر المهمّ لعلم الناس بوقوع الساعة.
وعدّي فعل (فَلا تَمْتَرُنَّ بِها) بالباء لتضمينه معنى : لا تكذبن بها ، أو الباء بمعنى (في) الظرفية.
(وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ).
يجوز أن يكون ضمير المتكلم عائدا إلى الله تعالى ، أي اتبعوا ما أرسلت إليكم من كلامي ورسولي ، جريا على غالب الضمائر من أول السورة كما تقدم ، فالمراد باتّباع الله : اتباع أمره ونهيه وإرشاده الوارد على لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فاتّباع الله تمثيل لامتثالهم ما دعاهم إليه بأن شبه حال الممتثلين أمر الله بحال السالكين صراطا دلّهم عليه دليل. ويكون هذا كقوله في سورة الشورى [٥٢ ، ٥٣] (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ). ويجوز أن يكون عائدا إلى النبيصلىاللهعليهوسلم بتقدير : وقل اتبعون ، ومثله في القرآن كثير.
والإشارة في (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) للقرآن المتقدم ذكره في قوله : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) أو الإشارة إلى ما هو حاضر في الأذهان مما نزل من القرآن أو الإشارة إلى دين الإسلام المعلوم من المقام كقوله تعالى : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) [الأنعام : ١٥٣].
وحذفت ياء المتكلم تخفيفا مع بقاء نون الوقاية دليلا عليها.
(وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٢))
لما أبلغت أسماعهم أفانين المواعظ والأوامر والنواهي ، وجرى في خلال ذلك تحذيرهم من الإصرار على الإعراض عن القرآن ، وإعلامهم بأن ذلك يفضي بهم إلى مقارنة الشيطان ، وأخذ ذلك حظه من البيان انتقل الكلام إلى نهيهم عن أن يحصل صدّ الشيطان إياهم عن هذا الدّين والقرآن الذي دعوا إلى اتّباعه بقوله : (وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) [الزخرف: ٦١] تنبيها على أن الصدود عن هذا الدّين من وسوسة الشيطان ، وتذكيرا بعداوة الشيطان للإنسان عداوة قوية لا يفارقها الدفع بالناس إلى مساوئ الأعمال ليوقعهم في العذاب تشفّيا لعداوته.