وقد جرى الجواب على طريقة الأسلوب الحكيم ، والمعنى : أن هذا العذاب واقع لا محالة سواء قرب زمان وقوعه أم بعد ، فلا يريبكم عدم تعجيله قال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) [يونس : ٥٠] ، وقد أشعر بهذا المعنى تقييد إتيان الساعة بقيد (بَغْتَةً) فإن الشيء الذي لا تسبقه أمارة لا يدرى وقت حلوله.
و (يَنْظُرُونَ) بمعنى ينتظرون ، والاستفهام إنكاري ، أي لا ينتظرون بعد أن أشركوا لحصول العذاب إلا حلول الساعة. وعبر عن اليوم بالساعة تلميحا لسرعة ما يحصل فيه.
والتعريف في (السَّاعَةَ) تعريف العهد. والبغتة : الفجأة ، وهي : حصول الشيء عن غير ترقّب.
و (أَنْ تَأْتِيَهُمْ) بدل من (السَّاعَةَ) بدلا مطابقا فإن إتيان الساعة هو عين الساعة لأن مسمى الساعة حلول الوقت المعيّن ، والحلول هو المجيء المجازي المراد هنا.
وجملة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) في موضع الحال من ضمير النصب في (تَأْتِيَهُمْ).
والشعور : العلم بحصول الشيء الحاصل.
ولما كان مدلول (بَغْتَةً) يقتضي عدم الشعور بوقوع الساعة حين تقع عليهم كانت جملة الحال مؤكدة للجملة التي قبلها.
[٦٧ ـ ٧٣] (الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (٦٧) يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨) الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ (٦٩) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (٧٠) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (٧١))
(وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢) لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ (٧٣))
استئناف يفيد أمرين :
أحدهما : بيان بعض الأهوال التي أشار إليها إجمال التهديد في قوله : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ) [الزخرف : ٦٥].
وثانيهما : موعظة المشركين بما يحصل يوم القيامة من الأهوال لأمثالهم والحبرة