والتقدير : مع تنزيه عن تحقق ذلك في نفس الأمر. فيكون لهذه الجملة حكم التالي في جزأي القياس الشرطي الاستثنائي. وليس في ضمير (يَصِفُونَ) التفات لأن تقدير الكلام: قل لهم إن كان للرحمن ولد.
ويجوز أن تكون كلاما مستأنفا من جانب الله تعالى لإنشاء تنزيهه عما يقولون فتكون معترضة بين جملة (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ) وجملة (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ) [الزخرف : ٨٤]. ولهذه الجملة معنى التذييل لأنها نزهت الله عن جميع ما يصفونه به من نسبة الولد وغير ذلك.
ووصفه بربوبية أقوى الموجودات وأعمها وأعظمها ، لأنه يفيد انتفاء أن يكون له ولد لانتفاء فائدة الولادة ، فقد تم خلق العوالم ونظام نمائها ودوامها ، وعلم من كونه خالقها أنه غير مسبوق بعدم وإلا لاحتاج إلى خالق يخلقه ، واقتضى عدم السبق بعدم أنه لا يلحقه فناء فوجود الولد له يكون عبثا.
(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣))
اعتراض بتفريع عن تنزيه الله عما ينسبونه إليه من الولد والشركاء ، وهذا تأييس من إجداء الحجة فيهم وأن الأولى به متاركتهم في ضلالهم إلى أن يحين يوم يلقون فيه العذاب الموعود. وهذا متحقق في أئمة الكفر الذين ماتوا عليه ، وهم الذين كانوا متصدين لمحاجّة النبي صلىاللهعليهوسلم ومجادلته والتشغيب عليه مثل أبي جهل وأمية بن خلف وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة والوليد بن المغيرة والنضر بن عبد الدار ممن قتلوا يوم بدر.
و (اليوم) هنا محتمل ليوم بدر وليوم القيامة وكلاهما قد وعدوه ، والوعد هنا بمعنى الوعيد كما دل عليه السياق.
والخوض حقيقته : الدخول في لجّة الماء ماشيا ، ويطلق مجازا على كثرة الحديث ، والأخبار والاقتصار على الاشتغال بها ، وتقدم في قوله : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) في سورة الأنعام [٦٨].
والمعنى : فأعرض عنهم في حال خوضهم في الأحاديث ولعبهم في مواقع الجد حين يهزءون بالإسلام. واللعب : المزح والهزل.