بسم الله الرّحمن الرّحيم
٤٤ ـ سورة الدخان
سميت هذه السورة حم الدخان. روى الترمذي بسندين ضعيفين يعضد بعضهما بعضا : عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم «من قرأ حم الدخان في ليلة أو في ليلة الجمعة» الحديث. واللّفظان بمنزلة اسم واحد لأن كلمة (حم) غير خاصة بهذه السورة فلا تعد علما لها ، ولذلك لم يعدها صاحب «الإتقان» في عداد السور ذوات أكثر من اسم. وسميت في المصاحف وفي كتب السنة سورة الدخان.
ووجه تسميتها بالدخان وقوع لفظ الدخان فيها المراد به آية من آيات الله أيّد الله بها رسوله صلىاللهعليهوسلم فلذلك سميت به اهتماما بشأنه ، وإن كان لفظ الدخان بمعنى آخر قد وقع في سورة حم تنزيل في قوله : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) [فصلت : ١١] وهي نزلت قبل هذه السورة على المعروف من ترتيب تنزيل سور القرآن عن رواية جابر بن زيد التي اعتمدها الجعبري وصاحب «الإتقان» على أن وجه التسمية لا يوجبها.
وهي مكية كلّها في قول الجمهور. قال ابن عطية : هي مكية لا أحفظ خلافا في شيء منها. ووقع في «الكشاف» استثناء قوله : (إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ) [الدخان : ١٥] ولم يعزه إلى قائل ، ومثله القرطبي ، وذكره الكواشي قولا وما عزاه إلى معيّن. وأحسب أنه قول نشأ عما فهمه القائل ، وسنبينه في موضعه.
وهي السورة الثالثة والستون في عدّ نزول السور في قول جابر بن زيد ، نزلت بعد سورة الزخرف وقبل سورة الجاثية في مكانها هذا. وعدّت آيها ستا وخمسين عند أهل المدينة ومكة والشام ، وعدّت عند أهل البصرة سبعا وخمسين ، وعند أهل الكوفة تسعا وخمسين.