الإشارة مشار به إلى الحالة الحاضرة لديهم ، أي هذا العذاب والجزاء هو ما كنتم تكذبون به في الدنيا.
والامتراء : الشك ، وأطلق الامتراء على جزيتهم بنفي يقينهم بانتفاء البعث لأن يقينهم لما كان خليا عن دلائل العلم كان بمنزلة الشك ، أي أن البعث هو بحيث لا ينبغي أن يوقن بنفيه على نحو ما قرر في قوله تعالى : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) [البقرة : ٢].
[٥١ ـ ٥٣] (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (٥١) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢) يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ (٥٣))
استئناف ابتدائي انتقل به الكلام من وصف عذاب الأثيم إلى وصف نعيم المتقين لمناسبة التضاد على عادة القرآن في تعقيب الوعيد بالوعد والعكس.
والمقام بضم الميم : مكان الإقامة. والمقام بفتح الميم : مكان القيام ويتناول المسكن وما يتبعه. وقرأه نافع وابن عامر وأبو جعفر بضم الميم. وقرأه الباقون بفتح الميم.
والمراد بالمقام المكان فهو مجاز بعلاقة الخصوص والعموم.
والأمين بمعنى الآمن والمراد : الآمن ساكنه ، فوصفه ب (أَمِينٍ) مجاز عقلي كما قال تعالى : (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) [التين : ٣]. والأمن أكبر شروط حسن المكان لأن الساكن أول ما يتطلب الأمن وهو السلامة من المكاره والمخاوف فإذا كان آمنا في منزله كان مطمئن البال شاعرا بالنعيم الذي يناله. وأبدل منه بأنهم (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) وذلك من وسائل النزهة والطيب. وأعيد حرف (فِي) مع البدل للتأكيد.
والجنات : جمع جنة ، وتقدم في أول البقرة. والعيون : جمع عين ، وتقدم في قوله : (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) في سورة البقرة [٦٠] ، فهذا نعيم مكانهم. ووصف نعيم أجسادهم بذكر لباسهم وهو لباس الترف والنعيم وفيه كناية عن توفر أسباب نعيم الأجساد لأنه لا يلبس هذا اللّباس إلا من استكمل ما قبله من ملائمات الجسد باطنه وظاهره.
والسندس : الديباج الرقيق النفيس ، والأكثر على أنه معرب من الفارسية وقيل عربي.
أصله : سندي ، منسوب إلى السند على غير قياس. والسندس يلبس مما يلي الجسد.
والإستبرق : الديباج القوي يلبس فوق الثياب وهو معرب استبره فارسية ، وهو الغليظ