(وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٥٧).
عطف على (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) وهذا تذكير بنعمة السلامة مما ارتبك فيه غيرهم. وذلك مما يحمد الله عليه كما ورد أن من آداب من يرى غيره في شدة أو بأس أن يقول : الحمد لله الذي عافاني مما هو فيه. وضمير (وَقاهُمْ) عائد إلى ضمير المتكلم في (وَزَوَّجْناهُمْ) على طريقة الالتفات.
و (فَضْلاً) حال من المذكورات. والخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم.
وذكر الرب إظهار في مقام الإضمار ومقتضى الظاهر أن يقال : فضلا منه أو منا. ونكتة هذا الإظهار تشريف مقام النبي صلىاللهعليهوسلم والإيماء إلى أن ذلك إكرام له لإيمانهم به.
وجملة (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) تذييل ، والإشارة في (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) لتعظيم الفضل ببعد المرتبة. وأتي بضمير الفصل لتخصيص الفوز بالفضل المشار إليه وهو قصر لإفادة معنى الكمال كأنه لا فوز غيره.
[٥٨ ، ٥٩] (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (٥٩))
الفاء للتفريع إشارة إلى أن ما بعدها متفرّع عما قبلها حيث كان المذكور بعد الفاء فذلكة للسورة ، أي إجمال لأغراضها بعد تفصيلها فيما مضى إحضارا لتلك الأغراض وضبطا لترتّب علتها.
وضمير (يَسَّرْناهُ) عائد إلى الكتاب المفهوم من المقام والمذكور في قوله (وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) [الدخان : ٢ ، ٣] إلخ ، والذي كان جلّ غرض السورة في إثبات إنزاله من الله كما أشار إليه افتتاحها بالحروف المقطعة ، وقوله : (وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) ، فهذا التفريع مرتبط بذلك الافتتاح وهو من ردّ العجز على الصدر. فهذا التفريع تفريع لمعنى الحصر الذي في قوله : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ) لبيان الحكمة في إنزال القرآن باللسان العربي فيكون تفريعا على ما تقدم في السورة وما تخلله وتبعه من المواعظ.
ويجوز أن يكون المفرع قوله : (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ). وقدم عليه ما هو توطئة له اهتماما بالمقدم وتقدير النظم فلعلهم يتذكّرون بهذا لما يسّرناه لهم بلسانهم.
والقصر المستفاد من (إنما) قصر قلب وهو رد على المشركين إذ قد سهّل لهم طريق