أفضل وأهدى مما أوتيه بنو إسرائيل من مثل ذلك.
و (عَلى) للاستعلاء المجازي ، أي التمكن والثبات على حد قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) [البقرة : ٥].
وتنوين (شَرِيعَةٍ) للتعظيم بقرينة حرف التراخي الرتبي.
والشريعة : الدين والملة المتّبعة ، مشتقة من الشرع وهو : جعل طريق للسير ، وسمي
النهج شرعا تسمية بالمصدر. وسميت شريعة الماء الذي يرده الناس شريعة لذلك ، قال الراغب : استعير اسم الشريعة للطريقة الإلهية تشبيها بشريعة الماء قلت : ووجه الشبه ما في الماء من المنافع وهي الري والتطهير.
و (الْأَمْرِ) : الشأن ، وهو شأن الدين وهو شأن من شئون الله تعالى ، قال تعالى: (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) [الشورى : ٥٢] ، فتكون (مِنَ) تبعيضية وليست كالتي في قوله آنفا (وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ) [الجاثية : ١٧] لأن إضافة (شَرِيعَةٍ) إلى (الْأَمْرِ) تمنع من ذلك.
وقد بلغت هذه الجملة من الإيجاز مبلغا عظيما إذ أفادت أن شريعة الإسلام أفضل من شريعة موسى ، وأنها شريعة عظيمة ، وأن الرسول صلىاللهعليهوسلم متمكن منها لا يزعزعه شيء عن الدأب في بيانها والدعوة إليها. ولذلك فرع عليه أمره باتباعها بقوله : (فَاتَّبِعْها) أي دم على اتباعها ، فالأمر لطلب الدوام مثل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) [النساء: ١٣٦].
وبين قوله : (فَاتَّبِعْها) وقوله : (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) محسّن المطابقة بين الأمر بالاتباع والنهي عن اتباع آخر. و (الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) هم المشركون وأهواؤهم دين الشرك قال تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) [الجاثية : ٢٣].
والأهواء : جمع هوى ، وهو المحبة والميل. والمعنى : أن دينهم أعمال أحبوها لم يأمر الله بها ولا اقتضتها البراهين.
والخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم. والمقصود منه : إسماع المشركين لئلا يطمعوا بمصانعة الرسول صلىاللهعليهوسلم إيّاهم حين يرون منه الإغضاء عن هفواتهم وأذاهم وحين يسمعون في القرآن بالصفح عنهم كما في الآية السالفة (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) [الجاثية : ١٤]. وفيه أيضا تعريض للمسلمين بأن يحذروا من أهواء الذين لا يعلمون. وعن ابن عباس «أنها نزلت لمّا دعته قريش إلى دين آبائه» قال البغوي : كانوا يقولون له : ارجع