الرسول صلىاللهعليهوسلم فيما جاء به إذ لم يصدّ المشركين عن الإيمان بما جاء به النبي صلىاللهعليهوسلم إلا أنه أمرهم بنبذ عبادة غير الله ، ولأن التكذيب بالبعث تلقوه من دعاة الشرك.
والاستقامة حقيقتها : عدم الاعوجاج والميل ، والسين والتاء فيها للمبالغة في التقوّم ، فحقيقة استقام : استقل غير مائل ولا منحن. وتطلق الاستقامة بوجه الاستعارة على ما يجمع معنى حسن العمل والسيرة على الحق والصدق قال تعالى : (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) [فصلت : ٦] وقال : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) [هود : ١١٢] ، ويقال : استقامت البلاد للملك ، أي أطاعت ، ومنه قوله تعالى : (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) [التوبة : ٧]. ف (اسْتَقامُوا) هنا يشمل معنى الوفاء بما كلفوا به وأول ما يشمل من ذلك أن يثبتوا على أصل التوحيد ، أي لا يغيروا ولا يرجعوا عنه.
ومن معنى هذه الآية ما روي في «صحيح مسلم» عن سفيان الثقفي قال : قلت : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك. قال : «قل آمنت بالله ثم استقم». وعن أبي بكر (ثُمَّ اسْتَقامُوا) : لم يشركوا بالله شيئا. وعن عمر : استقاموا على الطريقة لطاعته ثم لم يروغوا روغان الثعالب. وقال عثمان : ثم أخلصوا العمل لله. وعن علي: ثم أدّوا الفرائض. فقد تولى تفسير هذه الآية الخلفاء الأربعة رضياللهعنهم. وكل هذه الأقوال ترجع إلى معنى الاستقامة في الإيمان وآثاره ، وعناية هؤلاء الأربعة أقطاب الإسلام ببيان الاستقامة مشير إلى أهميتها في الدين.
وتعريب المسند إليه بالموصولية دون أن يقال : إن المؤمنين ونحوه لما في الصلة من الإيماء إلى أنها سبب ثبوت المسند للمسند إليه فيفيد أن تنزل الملائكة عليهم بتلك الكرامة مسبّب على قولهم : (رَبُّنَا اللهُ) واستقامتهم فإن الاعتقاد الحق والإقبال على العمل الصالح هما سبب الفوز.
و (ثُمَ) للتراخي الرتبي لأن الاستقامة زائدة في المرتبة على الإقرار بالتوحيد لأنها تشمله وتشمل الثبات عليه والعمل بما يستدعيه ، ولأن الاستقامة دليل على أن قولهم : (رَبُّنَا اللهُ) كان قولا منبعثا عن اعتقاد الضمير والمعرفة الحقيقية.
وجمع قوله : (قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) أصلي الكمال الإسلامي ، فقوله : (قالُوا رَبُّنَا اللهُ) مشير إلى الكمال النفساني وهو معرفة الحق للاهتداء به ، ومعرفة الخير لأجل العمل به ، فالكمال علم يقيني وعمل صالح ، فمعرفة الله بالإلهية هي أساس العلم اليقيني. وأشار قوله : (اسْتَقامُوا) إلى أساس الأعمال الصالحة وهو الاستقامة على الحق ، أي أن