والآيات : الدلائل ، وإضافتها إلى ضمير الله لأنها دليل على وحدانيته وعلى وجوده.
واختلاف الليل والنهار آية من آيات القدرة التي لا يفعلها غير الله تعالى ، فلا جرم كانت دليلا على انفراده بالصنع فهو منفرد بالإلهية. وتقدم الكلام على الليل والنهار عند قوله تعالى في سورة البقرة [١٦٤] (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ).
والمراد بالشمس والقمر ابتداء هنا حركتهما المنتظمة المستمرة ، وأمّا خلقهما فقد علم من خلق السماوات والأرض كما تقدم آنفا في قوله : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) [فصلت : ١٢] ، فإن الشمس إحدى السماوات السبع والقمر تابع للشمس ، ولم يذكر ما يدل على بعض أحوال الشمس والقمر مثل طلوع أو غروب أو فلك أو نحو ذلك ليكون صالحا للاستدلال بأحوالهما وهو المقصود الأول ، ولخلقهما تأكيد لما استفيد من قوله : (قَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) توفيرا للمعاني.
ولما جرى الاعتبار بالشمس والقمر وكان في الناس أقوام عبدوا الشمس والقمر وهم الصابئة ومنبعهم من العراق من زمن إبراهيم عليهالسلام ، وقد قصّ الله خبرهم في سورة الأنعام [٧٦] في قوله : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي) الآيات ، ثم ظهر هذا الدين في سبأ ، عبدوا الشمس كما قصه الله في سورة النمل. ولم أقف على أن العرب في زمن نزول القرآن كان منهم من يعبد الشمس والقمر ، ويظهر من كلام الزمخشري أنه لم يقف على ذلك لقوله هنا : (لعل ناسا منهم كانوا يسجدون للشمس والقمر) ا ه. ولكن وجود عبادة الشمس في اليمن أيام سبأ قبل أن يتهوّدوا يقتضي بقاء آثاره من عبادة الشمس في بعض بلاد العرب. وقد ذكر من أصنام العرب صنم اسمه (شمس) وبه سموا (عبد شمس) ، وكذلك جعلهم من أسماء الشمس الإلهة ، قالت ميّة بنت أم عتبة :
تروّحنا من اللّعباء عصرا |
|
فأعجلنا الإلهة أن تؤوبا |
وكان الصنم الذي اسمه شمس يعبده بنو تميم وضبة وتيم وعكل وأدّ. وكنت وقفت على أن بعض كنانة عبدوا القمر.
وفي «تلخيص التفسير» للكواشي : (وكان الناس يسجدون للشمس والقمر يزعمون أنهم يقصدون بذلك السجود لله كالصابئين فنهوا عن ذلك وأمروا أن يخصوه تعالى