والخطاب في قوله : (أَنَّكَ) لغير معيّن ليصلح لكل سامع.
والخشوع : التذلل ، وهو مستعار لحال الأرض إذا كانت مقحطة لا نبات عليها لأن حالها في تلك الخصاصة كحال المتذلّل ، وهذا من تشبيه المحسوس بالمعقول باعتبار ما يتخيله الناس من مشابهة اختلاف حالي القحولة والخصب بحالي التذلل والازدهاء.
والاهتزاز حقيقته : مطاوعة هزّه ، إذا حرّكه بعد سكونه فتحرّك. وهو هنا مستعار لربوّ وجه الأرض بالنبات ، شبّه حال إنباتها وارتفاعها بالماء والنبات بعد أن كانت منخفضة خامدة بالاهتزاز. ويؤخذ من مجموع ذلك أن هذا التركيب تمثيل ، شبه حال قحولة الأرض ثم إنزال الماء عليها وانقلابها من الجدوبة إلى الخصب والإنبات البهيج بحال شخص كان كاسف البال رثّ اللباس فأصابه شيء من الغنى فلبس الزينة واختال في مشيته زهوّا ، ولذا يقال : هز عطفيه ، إذا اختال في مشيته.
وفي قوله : (خاشِعَةً) و (اهْتَزَّتْ) مكنية بأن شبهت بشخص كان ذليلا ثم صار مهتزّا لعطفيه ورمز إلى المشبه بهما بذكر رديفيهما. فهذا من أحسن التمثيل وهو الذي يقبل تفريق أجزائه في أجزاء التشبيه.
وعطف (وَرَبَتْ) على (اهْتَزَّتْ) لأن المقصود من الاهتزاز هو ظهور النبات عليها وتحركه. والمقصود بالرّبو : انتفاخها بالماء واعتلاؤها.
وقرأ أبو جعفر وربأت بهمزة بعد الموحدة من (ربأ) بالهمز ، إذا ارتفع.
(إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
إدماج لإثبات البعث في أثناء الاستدلال على تفرده تعالى بالخلق والتدبير ، ووقوعه على عادة القرآن في التفنن وانتهاز فرص الهدى إلى الحق.
والجملة استئناف ابتدائي والمناسبة مشابهة الإحياءين ، وحرف التوكيد لمراعاة إنكار المخاطبين إحياء الموتى.
وتعريف المسند إليه بالموصولية لما في الموصول من تعليل الخبر ، وشبه إمداد الأرض بماء المطر الذي هو سبب انبثاق البزور التي في باطنها التي تصير نباتا بإحياء الميت ، فأطلق على ذلك (أَحْياها) على طريق الاستعارة التبعية ، ثم ارتقي من ذلك إلى جعل ذلك الذي سمي إحياء لأنه شبيه الإحياء دليلا على إمكان إحياء الموتى بطريقة قياس