كان مرض قلوبهم خفيا لأنهم يبالغون في كتمانه وتمويهه بالتظاهر بالإيمان ، فذكر الله لنبيه صلىاللهعليهوسلم أنه لو شاء لأطلعه عليهم واحدا واحدا فيعرف ذواتهم بعلاماتهم.
والسّيمى بالقصر : العلامة الملازمة ، أصله : وسمى بوزن فعلى من الوسم وهو جعل سمة للشيء ، وهو بكسر أوله. فهو من المثال الواوي الفاء حولت الواو من موضع فاء الكلمة فوضعت في مكان عين الكلمة وحولت عين الكلمة إلى موضع الفاء فصارت سومى فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، وتقدم عند قوله تعالى : (تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ) في سورة البقرة [٢٧٣].
والمعنى : لأريناك أشخاصهم فعرفتهم ، أو لذكرنا لك أوصافهم فعرفتهم بها ثم يحتمل أن الله شاء ذلك وأراهم للرسول صلىاللهعليهوسلم فعن أنس «ما خفي على النبي بعد هذه الآية شيء من المنافقين كان يعرفهم بسيماهم» ذكره البغوي والثعلبي بدون سند. ومما يروى عن حذيفة ما يقتضي أن النبي صلىاللهعليهوسلم عرفه بالمنافقين أو ببعضهم ، ولكن إذا صح هذا فإن الله لم يأمر بإجرائهم على غير حالة الإسلام ، ويحتمل أن الله قال هذا إكراما لرسوله صلىاللهعليهوسلم ولم يطلعه عليهم.
واللام في (لَأَرَيْناكَهُمْ) لام جواب (لَوْ) التي تزاد فيه غالبا. واللام في (فَلَعَرَفْتَهُمْ) تأكيد للام (لَأَرَيْناكَهُمْ) لزيادة تحقيق تفرع المعرفة على الإراءة.
(وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ).
هذا في معنى الاحتراس مما يقتضيه مفهوم (لَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ) من عدم وقوع المشيئة لإراءته إياهم بنعوتهم. والمعنى : فإن لم نرك إياهم بسيماهم فلتقعن معرفتك بهم من لحن كلامهم بإلهام يجعله الله في علم رسوله صلىاللهعليهوسلم ، فلا يخفى عليه شيء من لحن كلامهم فيحصل له العلم بكل واحد منهم إذا لحن في قوله ، وهم لا يخلو واحد منهم من اللحن في قوله ، فمعرفة الرسول بكل واحد منهم حاصلة وإنما ترك الله تعريفه إياهم بسيماهم ووكله إلى معرفتهم بلحن قولهم إبقاء على سنة الله تعالى في نظام الخلق بقدر الإمكان لأنها سنة ناشئة عن الحكمة فلما أريد تكريم الرسول صلىاللهعليهوسلم باطلاعه على دخائل المنافقين سلك الله في ذلك مسلك الرمز.
واللام في (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ) لام القسم المحذوف.
ولحن القول : الكلام المحال به إلى غير ظاهره ليفطن له من يراد أن يفهمه دون أن