السين وهما لغتان. وجملة (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) عطف على النهي عطف الخبر على الإنشاء ، والخبر مستعمل في الوعد.
والأعلون : مبالغة في العلوّ. وهو هنا بمعنى الغلبة والنصر كقوله تعالى لموسى : (إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) [طه : ٦٨] ، أي والله جاعلكم غالبين.
و (اللهُ مَعَكُمْ) عطف على الوعد. والمعية معية الرعاية والكلاءة ، أي والله حافظكم وراعيكم فلا يجعل الكافرين عليكم سبيلا. والمعنى : وأنتم الغالبون بعناية الله ونصره.
وصيغ كل من جملتي (أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ) جملة اسمية للدلالة على ثبات الغلب لهم وثبات عناية الله بهم.
وقوله : (وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) وعد بتسديد الأعمال ونجاحها عكس قوله في أول السورة (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) [محمد : ١] فكني عن توفيق الأعمال ونجاحها بعدم وترها ، أي نقصها للعلم بأنه إذا كان لا ينقصها فبالحري أن لا يبطلها ، أي أن لا يخيبها ، وهو ما تقدم من قوله : (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ* سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) [محمد : ٤ ، ٥].
يقال : وتره يتره وترا وترة كوعد ، إذا نقصه ، وفي حديث «الموطأ» «من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله». ويجوز أيضا أن يراد منه صريحه ، أي ينقصكم ثوابكم على أعمالكم ، أي الجهاد المستفاد من قوله (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) فيفيد التحريض على الجهاد بالوعد بأجره كاملا.
[٣٦ ، ٣٧] (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (٣٦) إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ (٣٧))
(إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ).
تعليل لمضمون قوله : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) [محمد : ٣٥] الآية ، وافتتاحها ب (إنّ) مغن عن افتتاحها بفاء التسبب على ما بينه في دلائل الإعجاز ، وليس اتصال (إنّ) ب (ما) الزائدة الكافة بمغيّر موقعها بدون (ما) لأنّ اتصالها بها زادها معنى الحصر.
والمراد ب (الْحَياةُ) أحوال مدة الحياة فهو على حذف مضافين.
واللعب : الفعل الذي يريد به فاعله الهزل دون اجتناء فائدة كأفعال الصبيان في