بسم الله الرّحمن الرّحيم
٤٨ ـ سورة الفتح
سورة (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) [الفتح : ١] سميت في كلام الصحابة سورة الفتح. ووقع في «صحيح البخاري» عن عبد الله بن مغفل ـ بغين معجمة مفتوحة وفاء مشدّدة مفتوحة ـ قال : قرأ النبي صلىاللهعليهوسلم يوم فتح مكة سورة الفتح فرجّع فيها. وفيها حديث سهل بن حنيف : لقد رأيتنا يوم الحديبية ولو ترى قتالا لقاتلنا. ثم حكى مقاله عمر إلى أن قال : فنزلت سورة الفتح ولا يعرف لها اسم آخر. ووجه التسمية أنها تضمنت حكاية فتح متجه الله للنبي صلىاللهعليهوسلم كما سيأتي.
وهي مدنيّة على المصطلح المشهور في أن المدني ما نزل بعد الهجرة ولو كان نزوله في مكان غير المدينة من أرضها أو من غيرها. وهذه السورة نزلت بموضع يقال له كراع الغميم بضم الكاف من كراع وبفتح الغين المعجمة وكسر الميم من الغميم موضع بين مكة والمدينة وهو واد على مرحلتين من مكة وعلى ثلاثة أميال من عسفان وهو من أرض مكة. وقيل نزلت بضجنان بوزن سكران وهو جبل قرب مكة ونزلت ليلا فهي من القرآن الليلي.
ونزولها سنة ست بعد الهجرة منصرف النبي صلىاللهعليهوسلم من الحديبية وقبل غزوة خيبر وفي «الموطأ» عن عمر «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يسير في بعض أسفاره أي منصرفه من الحديبية ليلا وعمر بن الخطاب يسير معه فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه فقال : عمر ثكلت أم عمر نزرت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثلاث مرّات كل ذلك لا يجيبك. قال عمر : فحركت بعيري وتقدمت أمام الناس وخشيت أن ينزل فيّ القرآن فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي ، فقلت : لقد خشيت أن يكون نزل فيّ قرآن ، فجئت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسلمت عليه فقال : «لقد أنزلت عليّ الليلة سورة لهي أحبّ إلي مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) [الفتح : ١]. ومعنى قوله لهي