إلى أفراد أخر زادها قوة فلذلك علق بالإيمان ظرف (مَعَ) في قوله : (مَعَ إِيمانِهِمْ) فكان في ذلك الحادث خير عظيم لهم كما كان فيه خير للنبي صلىاللهعليهوسلم بأن كان سببا لتشريفه بالمغفرة العامة ولإتمام النعمة عليه ولهدايته صراطا مستقيما ولنصره نصرا عزيزا ، فأعظم به حدثا أعقب هذا الخير للرسول صلىاللهعليهوسلم ولأصحابه.
(وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً).
تذييل للكلام السابق لأنه أفاد أن لا عجب في أن يفتح الله لك فتحا عظيما وينصرك على أقوام كثيرين أشداء نصرا صحبه إنزال السكينة في قلوب المؤمنين بعد أن خامرهم الفشل وانكسار الخواطر ، فالله من يملك جميع وسائل النصر وله القوة القاهرة في السماوات والأرض وما هذا نصر إلا بعض مما لله من القوة والقهر.
والواو اعتراضية وجملة التذييل معترضة بين جملة (لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) وبين متعلقها وهو (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ) [الفتح : ٥] الآية.
وأطلق على أسباب النصر الجنود تشبيها لأسباب النصر بالجنود التي تقاتل وتنتصر.
وفي تعقيب جملة (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) بجملة التذييل إشارة إلى أن المؤمنين من جنود الله وأن إنزال السكينة في قلوبهم تشديد لعزائمهم فتخصيصهم بالذكر قبل هذا العموم وبعده تنويه بشأنهم ، ويومئ إلى ذلك قوله بعد (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ) الآية.
فمن جنود السماوات : الملائكة الذين أنزلوا يوم بدر ، والريح التي أرسلت على العدوّ يوم الأحزاب ، والمطر الذي أنزل يوم بدر فثبت الله به أقدام المسلمين. ومن جنود الأرض جيوش المؤمنين وعديد القبائل الذين جاءوا مؤمنين مقاتلين مع النبي صلى الله عليه وسلّم يوم فتح مكة مثل بني سليم ، ووفود القبائل الذين جاءوا مؤمنين طائعين دون قتال في سنة الوفود.
والجنود : جمع جند ، والجند اسم لجماعة المقاتلين لا واحد له من لفظه وجمعه باعتبار تعدد الجماعات لأن الجيش يتألف من جنود : مقدمة وميمنة وميسرة وقلب وساقة.
وتقديم المسند على المسند إليه في (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لإفادة الحصر ، وهو حصر ادعائي إذ لا اعتداد بما يجمعه الملوك والفاتحون من الجنود لغلبة العدوّ بالنسبة لما لله من الغلبة لأعدائه والنصر لأوليائه. وجملة (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) تذييل لما قبله من الفتح والنصر وإنزال السكينة في قلوب المؤمنين.