وجملة (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) معترضة ، وهي مفيدة تذييل لجملة (وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً* وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها) لأن تيسير الفتح لهم وما حصل لهم فيه من المغانم الكثيرة من أثر عزة الله التي لا يتعاصى عليها شيء صعب ، ومن أثر حكمته في ترتيب المسببات على أسبابها في حالة ليظن الرائي أنها لا تيسّر فيها أمثالها.
(وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢٠))
(وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ)
هذه الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا نشأ عن قوله : (وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً* وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها) [الفتح : ١٨ ، ١٩] إذ علم أنه فتح خيبر ، فحق لهم ولغيرهم أن يخطر ببالهم أن يترقبوا مغانم أخرى فكان هذا الكلام جوابا لهم ، أي لكم مغانم أخرى لا يحرم منها من تخلفوا عن الحديبية وهي المغانم التي حصلت في الفتوح المستقبلة.
فالخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم وللمسلمين تبعا للخطاب الذي في قوله : (إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) [الفتح : ١٨] وليس خاصا بالذين بايعوا. والوعد بالمغانم الكثيرة واقع في ما سبق نزوله من القرآن وعلى لسان الرسول صلىاللهعليهوسلم مما بلغه إلى المسلمين في مقامات دعوته للجهاد. ووصف (مَغانِمَ) بجملة (تَأْخُذُونَها) لتحقيق الوعد.
وبناء على ما اخترناه من أن هذه السورة نزلت دفعة واحدة يكون فعل (فَعَجَّلَ) مستعملا في الزمن المستقبل مجازا تنبيها على تحقيق وقوعه ، أي سيعجل لكم هذه. وإنما جعل نوالهم غنائم خيبر تعجيلا ، لقرب حصوله من وقت والوعد به. ويحتمل أن يكون تأخّر نزول هذه الآية إلى ما بعد فتح خيبر على أنها تكملة لآية الوعد التي قبلها ، وأن النبيصلىاللهعليهوسلم أمر بوضعها عقبها وقد أشرنا إلى ذلك في الكلام على أول هذه السورة ولكن هذا غير مروي.
والإشارة في قوله : (هذِهِ) إلى المغانم في قوله : (وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها) [الفتح: ١٩] وأشير إليها على اختلاف الاعتبارين في استعمال فعل (فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ).
(وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ).
امتنان عليهم بنعمة غفلوا عنها حين حزنوا لوقوع صلح الحديبية وهي نعمة السلم ،