الذي تأوله عمر في عدم قسمة سواد العراق وقرأ قوله تعالى : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) [الحشر : ١٠].
[٢٢ ، ٢٣] (وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٢٢) سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (٢٣))
هذا عطف على قوله : (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) [الفتح : ٢٠] على أن بعضه متعلق بالمعطوف عليه ، وبعضه معطوف على المعطوف عليه فما بينهما ليس من الاعتراض.
والمقصود من هذا العطف التنبيه على أن كف أيدي الناس عنهم نعمة على المسلمين باستبقاء قوتهم وعدتهم ونشاطهم. وليس الكف لدفع غلبة المشركين إياهم لأن الله قدّر للمسلمين عاقبة النصر فلو قاتلهم الذين كفروا لهزمهم المسلمون ولم يجدوا نصيرا ، أي لم ينتصروا بجمعهم ولا بمن يعينهم.
والمراد بالذين كفروا ما أريد بالناس في قوله : (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ). وكان مقتضى الظاهر الإتيان بضمير الناس بأن يقال : ولو قاتلوكم ، فعدل عنه إلى الاسم الظاهر لما في الصلة من الإيماء إلى وجه بناء الخبر وهو أن الكفر هو سبب تولية الإدبار في قتالهم للمسلمين تمهيدا لقوله : (سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ).
و (الْأَدْبارَ) منصوب على أنه مفعول ثان لولوا ومفعوله الأول محذوف لدلالة ضمير (قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) عليه. والتقدير : لولوكم الأدبار.
وأل للعهد ، أي أدبارهم ، ولذلك يقول كثير من النحاة إن أل في مثله عوض عن المضاف إليه وهو تعويض معنوي.
والتولية : جعل الشيء واليا ، أي لجعلوا ظهورهم تليكم ، أي ارتدوا إلى ورائهم فصرتم وراءهم.
و (ثُمَ) للتراخي الرتبي فإن عدم وجدان الولي والنصير أشد على المنهزم من انهزامه لأن حين ينهزم قد يكون له أمل بأن يستنصر من ينجده فيكرّ به على الذين هزموه فإذا لم يجد وليا ولا نصيرا تحقق أنه غير منتصر وأصل الكلام لولوا الأدبار وما وجدوا وليا ولا نصيرا.
والولي : الموالي والصديق ، وهو أعم من النصير إذ قد يكون الولي غير قادر على