بسبب تكرر مباشرة الجبهة للأرض وبشرات الناس مختلفة في التأثر بذلك فلا حرج على من حصل له ذلك إذا لم يتكلفه ولم يقصد به رياء.
وقال أبو العالية : يسجدون على التراب لا على الأثواب.
وإلى النحو الثاني فسر الأعمش والحسن وعطاء والربيع ومجاهد عن ابن عباس وابن جزء والضحاك. فقال الأعمش : من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار. وقريب منه عن عطاء والربيع بن سليمان. وقال ابن عباس : هو حسن السمت. وقال مجاهد : هو نور من الخشوع والتواضع. وقال الحسن والضحاك : بياض وصفرة وتهيج يعتري الوجوه من السهر. وإلى النحو الثالث فسر سعيد بن جبير أيضا والزهري وابن عباس في رواية العوفي والحسن أيضا وخالد الحنفي وعطية وشهر بن حوشب : أنها سيما تكون لهم يوم القيامة ، وقالوا : هي بياض يكون في الوجه يوم القيامة كالقمر ليلة البدر يجعله الله كرامة لهم. وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله في قوله تعالى : (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) [الفتح : ٢٩] النور يوم القيامة ، قيل وسنده حسن وهو لا يقتضي تعطيل بقية الاحتمالات إذ كل ذلك من السيما المحمودة ولكنّ النبي صلىاللهعليهوسلم ذكر أعلاها.
وضمائر الغيبة في قوله : (تَراهُمْ) و (يَبْتَغُونَ) و (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ) عائدة إلى (الَّذِينَ مَعَهُ) على الوجه الأول ، وإلى كل من (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ) على الوجه الثاني.
(ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ).
الإشارة ب (ذلِكَ) إلى المذكور من صفات الذين مع النبي صلىاللهعليهوسلم لأن السابق في الذكر بمنزلة الحاضر فيشار إليه بهذا الاعتبار فاسم الإشارة مبتدأ و (مَثَلُهُمْ) خبره.
والمثل يطلق على الحالة العجيبة ، ويطلق على النظير ، أي المشابه فإن كان هنا محمولا على الحالة العجيبة فالمعنى : أن الصفات المذكورة هي حالهم الموصوف في «التوراة». وقوله : (فِي التَّوْراةِ) متعلق ب (مَثَلُهُمْ) أو حال منه. فيحتمل أن في «التوراة» وصف قوم سيأتون ووصفوا بهذه الصفات ، فبيّن الله بهذه الآية أن الذين مع النبي صلىاللهعليهوسلم هم المقصود بتلك الصفة العجيبة التي في «التوراة» ، أي أن «التوراة» قد جاءت فيها بشارة بمجيء محمد صلىاللهعليهوسلم ووصف أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم. والذي وقفنا عليه في «التوراة» مما يصلح