يشمل التجسس على الأعداء ولا تجسس الشرط على الجناة واللصوص.
(وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ).
الاغتياب : افتعال من غابه المتعدي ، إذا ذكره في غيبه بما يسوءه.
فالاغتياب ذكر أحد غائب بما لا يحب أن يذكر به ، والاسم منه الغيبة بكسر الغين مثل الغيلة. وإنما يكون ذكره بما يكره غيبه إذا لم يكن ما ذكره به مما يثلم العرض وإلا صار قذعا.
وإنما قال : (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) دون أن يقول : اجتنبوا الغيبة. لقصد التوطئة للتمثيل الوارد في قوله : (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) لأنه لما كان ذلك التمثيل مشتملا على جانب فاعل الاغتياب ومفعوله مهّد له بما يدلّ على ذاتين لأن ذلك يزيد التمثيل وضوحا.
والاستفهام في (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) تقريري لتحقق أن كل أحد يقر بأنه لا يحب ذلك ، ولذلك أجيب الاستفهام بقوله : (فَكَرِهْتُمُوهُ).
وإنما لم يرد الاستفهام على نفي محبة ذلك بأن يقال : ألا يحب أحدكم ، كما هو غالب الاستفهام التقريري ، إشارة إلى تحقق الإقرار المقرّر عليه بحيث يترك للمقرّر مجالا لعدم الإقرار ومع ذلك لا يسعه إلا الإقرار. مثلّث الغيبة بأكل لحم الأخ الميت وهو يستلزم تمثيل المولوع بها بمحبة أكل لحم الأخ الميت ، والتمثيل مقصود منه استفظاع الممثّل وتشويهه لإفادة الإغلاظ على المغتابين لأن الغيبة متفشية في الناس وخاصة في أيام الجاهلية.
فشبهت حالة اغتياب المسلم من هو أخوه في الإسلام وهو غائب بحالة أكل لحم أخيه وهو ميت لا يدافع عن نفسه ، وهذا التمثيل للهيئة قابل للتفريق بأن يشبه الذي اغتاب بآكل لحم ، ويشبه الذي اغتيب بأخ ، وتشبه غيبته بالموت.
والفاء في قوله : (فَكَرِهْتُمُوهُ) فاء الفصيحة ، وضمير الغائب عائد إلى (أَحَدُكُمْ) ، أو يعود إلى (لَحْمَ).
والكراهة هنا : الاشمئزاز والتقذر. والتقدير : إن وقع هذا أو إن عرض لكم هذا فقد كرهتموه.