فإذا كان ذلك لوجه مصلحة مثل تجريح الشهود ورواة الحديث وما يقال للمستشير في مخالطة أو مصاهرة فإن ذلك ليس بغيبة ، بشرط أن لا يتجاوز الحد الذي يحصل به وصف الحالة المسئول عنها.
وكذلك لا غيبة في فاسق بذكر فسقه دون مجاهرة له به. وقد قال النبيصلىاللهعليهوسلم لما استؤذن عنده لعيينة بن حصن بئس أخو العشيرة ليحذّره من سمعه إذ كان عيينة يومئذ منحرفا عن الإسلام.
وعن الطبري صاحب «العدة» في فروع الشافعية أنها صغيرة ، قال المحلي وأقره الرافعي ومن تبعه. قلت : وذكر السجلماسي في نظمه في المسائل التي جرى بها عمل القضاة في فاس فقال :
ولا تجرح شاهدا بالغيبة |
|
لأنها عمت بها المصيبة |
وذكر في شرحه : أن القضاة عملوا بكلام الغزالي.
وأما عموم البلوى فلا يوجب اغتفار ما عمّت به إلّا عند الضرورة والتعذر كما ذكر ذلك عن أبي محمد بن أبي زيد.
وعندي : أن ضابط ذلك أن يكثر في الناس كثرة بحيث يصير غير دالّ على استخفاف بالوازع الديني فحينئذ يفارقها معنى ضعف الديانة الذي جعله الشافعية جزءا من ماهية الغيبة.
(وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ).
عطف على جمل الطلب السابقة ابتداء من قوله : (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِ) هذا كالتذييل لها إذ أمر بالتقوى وهي جماع الاجتناب والامتثال فمن كان سالما من التلبس بتلك المنهيات فالأمر بالتقوى يجنبه التلبس بشيء منها في المستقبل ، ومن كان متلبسا بها أو ببعضها فالأمر بالتقوى يجمع الأمر بالكف عما هو متلبس به منها.
وجملة (إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) تذييل للتذييل لأن التقوى تكون بالتوبة بعد التلبس بالإثم فقيل : (إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ) وتكون التقوى ابتداء فيرحم الله المتقي ، فالرحيم شامل للجميع.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ