وجملة (قُلْ) معترضة بين الجملتين المبيّنة والمبيّنة.
قيل : إنهم لمّا سمعوا قوله تعالى : (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا) الآية جاءوا إلى النبيصلىاللهعليهوسلم وحلفوا أنهم مؤمنون فنزل قوله : «قل أتعلمون الله بدينكم ولم يرو بسند معروف وإنما ذكره البغوي تفسيرا ولو كان كذلك لوبّخهم الله على الأيمان الكاذبة كما وبّخ المنافقين في سورة براءة [٤٢] بقوله (وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ) الآية. ولم أر ذلك بسند مقبول ، فهذه الآية مما أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأن يقوله لهم.
والتعليم مبالغة في إيصال العلم إلى المعلّم لأن صيغة التفعيل تقتضي قوة في حصول الفعل كالتفريق والتفسير ، يقال : أعلمه وعلّمه كما يقال : أنبأه ونبّأه. وهذا يفيد أنهم تكلفوا وتعسفوا في الاستدلال على خلوص إيمانهم ليقنعوا به الرسول صلىاللهعليهوسلم الذي أبلغهم أن الله نفى عنهم رسوخ الإيمان بمحاولة إقناعه تدل إلى محاولة إقناع الله بما يعلم خلافه.
وباء (بِدِينِكُمْ) زائدة لتأكيد لصوق الفعل بمفعوله كقوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) وقول النابغة :
لك الخيران وارت بك الأرض واحدا
والاستفهام في (أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ) مستعمل في التوبيخ وقد أيد التوبيخ بجملة الحال في قوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).
وفي هذا تجهيل إذ حاولوا إخفاء باطنهم عن المطّلع على كل شيء.
وجملة (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) تذييل لأن كل شيء أعم من (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) فإن الله يعلم صفاته ويعلم الموجودات التي هي أعلى من السماوات كالعرش.
(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٧))
استئناف ابتدائي أريد به إبطال ما أظهره بنو أسد للنبي صلىاللهعليهوسلم من مزيتهم إذ أسلموا من دون إكراه بغزو.
والمنّ : ذكر النعمة والإحسان ليراعيه المحسن إليه للذاكر ، وهو يكون صريحا مثل قول سبرة بن عمرو الفقعسي :