ويسارا مع الودجين ، وكل هذه الأقسام تسمى الوريد. وفي الجسد وريدان وهما عرقان يكتنفان صفحتي العنق في مقدمهما متصلان بالوتين يردان من الرأس إليه.
وقد تختلف أسماء أجزائه باختلاف مواقعها من الجسد فهو في العنق يسمى الوريد ، وفي القلب يسمى الوتين ، وفي الظهر يسمى الأبهر ، وفي الذراع والفخذ يسمونه الأكحل والنّسا ، وفي الخنصر يدعى الأسلم.
وإضافة (حَبْلِ) إلى (الْوَرِيدِ) بيانية ، أي الحبل الذي هو الوريد ، فإن إضافة الأعم إلى الأخص إذا وقعت في الكلام كانت إضافة بيانية كقولهم : شجر الأراك.
والقرب هنا كناية عن إحاطة العلم بالحال لأن القرب يستلزم الاطلاع ، وليس هو قربا بالمكان بقرينة المشاهدة فآل الكلام إلى التشبيه البليغ تشبيه معقول بمحسوس ، وهذا من بناء التشبيه على الكناية بمنزلة بناء المجاز على المجاز.
ومن لطائف هذا التمثيل أن حبل الوريد مع قربه لا يشعر الإنسان بقربه لخفائه ، وكذلك قرب الله من الإنسان بعلمه قرب لا يشعر به الإنسان فلذلك اختير تمثيل هذا القرب بقرب حبل الوريد. وبذلك فاق هذا التشبيه لحالة القرب كلّ تشبيه من نوعه ورد في كلام البلغاء. مثل قولهم : هو منه مقعد القابلة ومعقد الإزار ، وقول زهير :
فهن ووادي الرس كاليد للفم
وقول حنظلة بن سيار وهو حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي مخضرم :
كل امرئ مصبّح في أهله |
|
والموت أدنى من شراك نعله |
[١٧ ، ١٨] (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (١٧) ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨))
يتعلق (إِذْ) بقوله (أَقْرَبُ) [ق : ١٦] لأن اسم التفضيل يعمل في الظرف وإن كان لا يعمل في الفاعل ولا في المفعول به واللغة تتوسع في الظروف والمجرورات ما لا تتوسع في غيرها ، وهذه قاعدة مشهورة ثابتة والكلام تخلص للموعظة والتهديد بالجزاء يوم البعث والجزاء من إحصاء الأعمال خيرها وشرها المعلومة من آيات كثيرة في القرآن. وهذا التخلص بكلمة (إِذْ) الدالة على الزمان من ألطف التخلص.
وتعريف (الْمُتَلَقِّيانِ) تعريف العهد إذا كانت الآية نزلت بعد آيات ذكر فيها الحفظة ،