آخر الكلمة مراعاة لحال الوقف كما هو غالب أحوال الرسم لأن الأسجاع مبنية على سكون الأعجاز. وقرأها عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر وخلف بحذف الياء وصلا ووقفا لأن العرب قد تعامل المنقوص المعرّف معاملة المنكر. وقرأها ابن كثير ويعقوب بالياء وصلا ووقفا اعتبارا بأن رسم المصحف قد يخالف قياس الرسم فلا يخالف قياس اللفظ لأجله.
(يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ (٤٤))
إنّ جريت على أقوال المفسرين في تفسير الآية السابقة أفادت هذه الآية بيانا لجملة (ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) [ق : ٤٢] أو بدل اشتمال منها مع ما في المعاد منها من تأكيد لمرادفه. وإن جريت على ما ارتأيته في محمل الآية السابقة أفادت هذه الجملة استئنافا استدلالا على إمكان الحشر ووصف حال من أحواله وهو تشقّق الأرض عنهم ، أي عن أجساد مثيلة لأجسادهم وعن الأجساد التي لم يلحقها الفناء.
وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب (تَشَقَّقُ) بفتح التاء وتشديد الشين. وأصله تتشقق بتاءين فأدغمت التاء الثانية في الشين بعد قلبها شينا لتقارب مخرجيها. وقرأه أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي تشقق بتخفيف الشين على حذف تاء التفعل لاستثقال الجمع بين تاءين.
و (سِراعاً) حال من ضمير (عَنْهُمْ) وهو جمع سريع ، أي سراعا في الخروج أو في المشي الذي يعقبه إلى محل الحساب.
والقول في إعراب (تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ) كالقول في إعراب قوله : (يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) [ق : ٤١] إلى (ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) وكذلك القول في اختلاف اسم الإشارة مثله.
وتقدم المجرور في (عَلَيْنا) للاختصاص ، أي هو يسير في جانب قدرتنا لا كما زعمه نفاة الحشر.
(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ (٤٥))
استئناف بياني ناشئ عن قوله (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) [ق : ٣٩] فهو إيغال في تسلية