يعرضون على النار.
وتقديم الظرف على عامله للاهتمام بذكر ذلك اليوم لزيادة تقريره في الأذهان.
وذكر (الَّذِينَ كَفَرُوا) إظهار في مقام الإضمار للإيماء بالموصول إلى علة بناء الخبر ، أي يقال لهم ذلك لأنهم كفروا. والإشارة إلى عذاب النار بدليل قوله بعده (قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ). والحق : الثابت.
والاستفهام تقريري وتنديم على ما كانوا يزعمون أن الجزاء باطل وكذب ، وقالوا (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) [الصافات : ٥٩] ، وإنما أقسموا على كلامهم بقسم (وَرَبِّنا) قسما مستعملا في الندامة والتغليظ لأنفسهم وجعلوا المقسم به بعنوان الرب تحنّنا وتخضّعا. وفرع على إقرارهم (فَذُوقُوا الْعَذابَ). والذوق مجاز في الإحساس. والأمر مستعمل في الإهانة.
(فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ (٣٥))
(فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ)
تفريع على ما سبق في هذه السورة من تكذيب المشركين رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم بجعلهم القرآن مفترى واستهزائهم به وبما جاء به من البعث ابتداء من قوله : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) [الأحقاف : ٧] ، وما اتصل به من ضرب المثل لهم بعاد. فأمر الرسول صلىاللهعليهوسلم بالصبر على ما لقيه منهم من أذى ، وضرب له المثل بالرسل أولي العزم. ويجوز أن تكون الفاء فصيحة. والتقدير : فإذا علمت ما كان من الأمم السابقة وعلمت كيف انتقمنا منهم وانتصرنا برسلنا فاصبر كما صبروا.
وأولو العزم : أصحاب العزم ، أي المتصفون به. والعزم : نية محققة على عمل أو قول دون تردد. قال تعالى : (فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) [آل عمران : ١٥٩] وقال : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) [البقرة : ٢٣٥]. وقال سعد بن ناشب من شعراء الحماسة يعني نفسه :
إذا همّ ألقى بين عينيه عزمه |
|
ونكّب عن ذكر العواقب جانبا |