والأشربة والملامس البدنية ، فوصف خمر هنا بأنها (لَذَّةٍ) معناه يجد شاربها لذاذة في طعمها ، أي بخلاف خمر الدنيا فإنها حريقة الطعم فلو لا ترقب ما تفعله في الشارب من نشوة وطرب لما شربها لحموضة طعمها.
والعسل المصفى : الذي خلّص مما يخالط العسل من بقايا الشمع وبقايا أعضاء النحل التي قد تموت فيه ، وتقدم الكلام على العسل وتربيته في سورة النحل.
ومعنى (مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) أصناف من جميع أجناس الثمرات ، فالتعريف في (الثَّمَراتِ) للجنس ، و (كُلِ) مستعملة في حقيقتها وهو الإحاطة ، أي جميع ما خلق الله من الثمرات مما علموه في الدنيا وما لم يعلموه مما خلقه الله للجنة. و (مِنْ) تبعيضية ، وهذا كقوله تعالى : (فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ) [الرحمن : ٥٢].
و (مَغْفِرَةٌ) عطف على (أَنْهارٌ) وما بعده ، أي وفيها مغفرة لهم ، أي تجاوز عنهم ، أي إطلاق في أعمالهم لا تكليف عليهم كمغفرته لأهل بدر إذ بينت بأن يعملوا ما شاءوا في الحديث «لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» وقد تكون المغفرة كناية عن الرضوان عليهم كما قال تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) [التوبة : ٧٢].
وتقدير المضاف في مثله ظاهر للقرينة. وقوله : (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً) جيء به لمقابلة ما وصف من حال أهل الجنة الذي في قوله : (فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ) إلى قوله : (مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) ، أي أن أهل النار محرومون من جميع ما ذكر من المشروبات. وليسوا بذائقين إلا الماء الحميم الذي يقطع أمعاءهم بفور سقيه. ولذلك لم يعرج هنا على طعام أهل النار الذي ذكر في قوله تعالى : (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ* فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ* فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ) [الواقعة : ٥٢ ـ ٥٤] وقوله : (أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) [الصافات : ٦٢] إلى قوله : (فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ* ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ) [الصافات : ٦٦ ـ ٦٧].
وضمير (سُقُوا) راجع إلى (كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ) باعتبار معنى (من) وهو الفريق من الكافرين بعد أن أعيد عليه ضمير المفرد في قوله : (هُوَ خالِدٌ).
والأمعاء : جمع معى مقصورا وبفتح الميم وكسرها ، وهو ما ينتقل الطعام إليه بعد نزوله من المعدة. ويسمى عفج بوزن كتف.