والإتيان بضمير الفصل يفيد قصر مربوبية الشعرى على الله تعالى وذلك كناية عن كونه رب ما يعتقدون أنه من تصرفات الشعرى ، أي هو رب تلك الآثار ومقدرها وليست الشعرى ربة تلك الآثار المسندة إليها في مزاعمهم ، وليس لقصر كون رب الشعرى على الله تعالى دون غيره لأنهم لم يعتقدوا أن للشعرى ربّا غير الله ضرورة أن منهم من يزعم أن الشعرى ربة معبودة ومنهم من يعتقد أنها تتصرف بقطع النظر عن صفتها.
[٥٠ ـ ٥٢] (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى (٥٠) وَثَمُودَ فَما أَبْقى (٥١) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (٥٢))
لما استوفي ما يستحقه مقام النداء على باطل أهل الشرك من تكذيبهم النبيصلىاللهعليهوسلم وطعنهم في القرآن ، ومن عبادة الأصنام ، وقولهم في الملائكة ، وفاسد معتقدهم في أمور الآخرة ، وفي المتصرف في الدنيا ، وكان معظم شأنهم في هذه الضلالات شبيها بشأن أمم الشرك البائدة نقل الكلام إلى تهديدهم بخوف أن يحل بهم ما حل بتلك الأمم البائدة فذكر من تلك الأمم أشهرها عند العرب وهم : عاد ، وثمود ، وقوم نوح ، وقوم لوط.
فموقع هذه الجملة كموقع الجمل التي قبلها في احتمال كونها زائدة على ما في صحف موسى وإبراهيم ويحتمل كونها مما شملته الصحف المذكورة فإن إبراهيم كان بعد عاد وثمود وقوم نوح ، وكان معاصرا للمؤتفكة عالما بهلاكها.
ولكون هلاك هؤلاء معلوما لم تقرن الجملة بضمير الفصل.
ووصف عاد ب (الْأُولى) على اعتبار عاد اسما للقبيلة كما هو ظاهر. ومعنى كونها أولى لأنها أول العرب ذكرا وهم أول العرب البائدة وهم أول أمة أهلكت بعد قوم نوح.
وأما القول بأن عادا هذه لما هلكت خلفتها أمة أخرى تعرف بعاد إرم أو عاد الثانية كانت في زمن العماليق فليس بصحيح.
ويجوز أن يكون (الْأُولى) وصفا كاشفا ، أي عادا السابقة. وقيل (الْأُولى) صفة عظمة ، أي الأولى في مراتب الأمم قوة وسعة ، وتقدم التعريف بعاد في سورة الأعراف.
وتقدم ذكر ثمود في سورة الأعراف أيضا.
وتقدم ذكر نوح وقومه في سورة آل عمران وفي سورة الأعراف.
وإنما قدم في الآية ذكر عاد وثمود على ذكر قوم نوح مع أن هؤلاء أسبق لأن عادا